على الأرجح (بما أنك من قارئات مجلة مثل هذه) أنك قد سمعت أن أغلب حالات سرطان عنق الرحم سببها فيروس! تصوري! هناك تشابه أساسي ما بين حالة عادية مملة (على إزعاجها) مثل الزكام والشر الأكبر… السرطان! مهزلة، أليس كذلك؟ ولكن في حالتنا هذه المهزلة هي الدرع الذي يحمينا، فاذا كان هناك فيروس مسبب فلا بد أن يكون هناك مطعوم أو لقاح أو vaccine مانع. وقد ظهر فعلاً. منذ عدة سنوات، في الواقع، ولكن لا تعلم كثير من النساء عنه. تقصير كبير علينا تصحيحه هنا، الآن بدون تأخير.

فيروس الورم الحليمي البشري أو Human Papilloma Virus أو HPV. ما هو وكيف ينتقل؟

هذا الفيروس الزئبقي له مائة شكل فقد تم اكتشاف أكثر من مائة نوع منه لها القدرة على الإنتقال بين الناس بالملامسة ومنها ثلاثون نوعاً تصيب الجهاز التناسلي عند النساء والرجال عبر الإتصال الجنسي بأشكاله. ولكن ما يهمك منها أربعة أنواع: رقم 6 ورقم 11 التي تقدر أن تسبب ظهور التآليل (جمع تالولة) ورقم 16 و 18 التي لها علاقة بسرطان عنق الرحم.

ما الأمراض التي يسببها؟

يسبب فيروس الورم الحليمي البشري التآليل داخل وخارج المهبل وفي عنق الرحم وحول الشرج وعلى القضيب عند الرجال. كما قد يسبب السرطان فيها بالإضافة إلى سرطان الحلق oropharynx. إن هذا الفيروس شائع وقد دلت بعض الدراسات على أن 80% من الناس تصاب بهذا الفيروس في وقت أو في آخر في حياتها ولكن، وقبل أن يطير صوابك مع الريح، إعلمي بأن انتقال الفيروس مؤقت إذ أن جهاز المناعة قادر على التخلص منه ولا يلازم الفيروس مدى الحياة إلا فئة قليلة لا تتعدى 4 إلى 8 % من البشر. يعني قد تظهر نتيجة الفحص أنك تحملي الفيروس اليوم ثم تظهر نتيجة سليمة بعد شهر من الزمن مثلاً.

كم هي مهمة تلك التغييرات البسيطة في حياتنا مثل التغذية السليمة والنوم الكافي والرياضة والأهم من هذا وذاك الإمتناع أو التوقف عن التدخين (إرموا السجاير والأراجيل يا ستات.. كونوا أشطر من شركات السجاير ودكاكين المعسِّل). العادات الصحية الذكية هي التي تُمكِّن جسدك من مقاومة الفيروس بشكل أفضل.  

كيف يسبب فيروس الورم الحليمي البشري السرطان؟

عندما تنقسم الخلايا في جسمك تطبع نسخة ثانية من مادة DNA الوراثية الموجودة بداخلها ولكن قد تحدث أخطاء أثناء عملية النسخ تؤدي إلى تحول الخلية إلى خلية سرطانية. في الوضع الطبيعي تتفحص الخلية النسخة الجديدة من DNA بحثاً عن أية خطأ فإذا وجدته تقوم بتصحيحه أو … تنتحر. نعم، تموت الخلية فيما يشبه الإنتحار منعاً لتوريث الخطأ إلى خلايا جديدة ولكن عندما تصاب الخلية بفيروس الورم الحليمي البشري يمنعها من القيام بهذا الفحص والتحقق فتمر الأخطاء بدون رقابة وتعيث في الأرض فساداً مثلما يحدث في السياسة تماماً.

الآن وقد أصبحت تعرفين، تذكري بأن 13 إمرأة فقط بين كل 000 80 إمرأة حاملة لفيروس الورم الحليمي البشري رقم 16 أو 18 تصاب في النهاية بسرطان عنق الرحم.

هل يمكن منع الإصابة بفيروس الورم الحليمي البشري؟

وأخيراً تسألين… شكراً.

نعم، نعم ثم… نعم. بدك تحمي بنتك وإبنك؟ طعّميهم في الوقت المناسب.

هناك مطعوم vaccine أو بالأحرى إثنان. أحدهم ثنائي bivalent يحمي من فيروس HPV  رقم 16 و 18 المسببة للسرطان في عنق الرحم واسمه سيرفاريكس (Cervarix) ويعطى لللإناث أما الثاني فهو رباعي quadrivalent ضد فيروس HPV  رقم 6 و11 المسببة للتآليل ورقم 16 و18 المسببة لسرطان عنق الرحم واسمه جارداسيل (Gardasil)  ويعطى للإناث والذكور.

 السن المقترح للتطعيم هو 11 أو 12 سنة حتى 26 سنة ولكن قد يبدأ أبكر في سن 9 سنوات أيضاً. 11 أو 12 سنة؟ ليش هلأد بكير؟ لأن الدراسات أظهرت أن استجابة الجهاز المناعي للجسم وتكوين الأجسام المضادة للفيروس تكون أفضل ما يمكن في السنين المبكرة لفترة المراهقة إذا ما قورنت بالإستجابة عندما يؤخذ المطعوم في أعمار متأخرة. ويؤخذ المطعوم في ثلاث جرعات: الأولى ثم الثانية بعد شهر إلى شهرين ثم الثالثة بعد مرور 6 أشهر (24 أسبوعاً على الأقل) عن الجرعة الأولى.

إن التطعيم وسيلة لمنع المرض من أن يصيب المرأة وليس لعلاج المرض بعد أن يظهر ولذلك يجب أن يؤخذ قبل البدء بمرحلة النشاط الجنسي. ولكن لا بأس إذا كنت قد بدأت هذه المرحلة ولكن لم تأخذي المطعوم أن تحصلي على الفحص الذي يثبت أنك لا تحملي الفيروس بأنواعه الأربعة ثم تذهبي للتطعيم.

لقد تم تطعيم أكثر من 46 مليون جرعة حتى الآن في الولايات المتحدة وحدها ولم يتم التبليغ عن مشاكل خطيرة ناتجة عن المطعوم. إن الإغماء الذي قد يصيب بعض المراهقين أمر معروف بعد التطعيم بشكل عام في هذه الفئة، ولذلك ينصح بإعطاء المطعوم (أي مطعوم) في وضع الجلوس أو الإستلقاء ومراقبة الفتى أو الفتاة لمدة 15 دقيقة بعد ذلك.

يحمي التطعيم من 70% من حالات سرطان عنق الرحم ولذلك يجب المتابعة في الحصول على مسحة عنق الرحم كل ثلاث سنوات حتى بعد التطعيم أي بعد سن الواحد والعشرين وبعد ثلاث سنوات من بدء النشاط الجنسي للكشف المبكر عن الحالات المتبقية.