التحدث مع الصغار والقراءة والغناء لهم ضروري

تتمنى كل أم وكل أب أن ينجح أطفالهم في الحياة، سواء في المدرسة أو في المجتمع. ولكن الكثيرين منهم لا يعلمون أهمية التحدث مع الصغار والقراءة والغناء لهم. ان تحدث الكبار مع اطفالهم في السنين المبكرة من حياتهم له اكبر الأثر على نجاحهم لاحقاً. تخبرنا الدراسات ان عدم الإهتمام الكافي بالصغار قبل دخولهم الحضانة تختزل الى النصف فرصتهم في الحصول على المهنة التي يستحقونها. وتبعاً لذلك تضعف فرصتهم في نوعية من الحياة تجعلنا جميعاً في حال أفضل.

 




نرجو من الأمهات والآباء القراءة لمواليدهم منذ الأيام الأولى والغناء لهم والحديث معهم بشكل منتظم. ونجد الصغار الذين يولدون في الفقر يسمعون في الأربع سنين الأولى ثلاثين مليون كلمة أقل من اطفال عائلات الدخل مرتفع. والأسوأ ان سماع كلمات قليلة يقود الى تعلم كلمات قليلة فيذهب هؤلاء الأطفال الى الحضانة وهم متأخرين عن باقي الأطفال في قاموس كلماتهم. وفي كثير من الأحيان لا يتمكنوا من تعدي هذه الفجوة التعليمية التي تلازم تحصيلهم الأكاديمي وإنجازهم ونجاحهم على المدى الطويل.

التحدث مع الصغار والقراءة لهم

نتائج الأبحاث تؤكد اهمية التحدث مع الصغار والقراءة لهم

أظهرت نتائج الأبحاث الأثر الإيجابي المدهش الذي يلاحظ نتيجة التحدث مع الصغار والقراءة لهم. ودفعت الى حث الأطباء على التركيز على الحديث مع الآباء والأمهات حول أهمية القراءة للصغار. فالمعلومات الضرورية للأمهات لا تقتصر على فهم مبادئ التغذية الجيدة والوقاية والعلاج من الأمراض.

ترينا الأبحاث كيف تضيء مناطق من الدماغ عندما يتحدث الوالدين مع صغارهما. وتتكون مع هذا النشاط شبكات جديدة بين الخلايا العصبية في الدماغ تساعد على ترابط اجزائه وانتقال المعلومات بشكل أفضل. ولا بد ان تلاحظ كل أم  كيف تشع عيني طفلها بريقاً عندما يبدأ في فهم فكرة معينة.

استغلي كل لحظة تقضيها مع أطفالك في الحديث أو الغناء معهم أو قراءة قصة لهم قبل نومهم. ففي كل لحظة تقضيها بهذا الشكل انت تقدمين فرصة قد تؤثر على حياة أطفالك على المدى الطويل. استغلي وقت تغيير الحفاضات أو الحمام أو الطعام أو حتى ركوب الباص بالتفاعل مع الصغار الرضع وفي السنوات الثلاثة الأولى. ان التحدث مع الصغار له نفس الأهمية كتقديم الطعام المغذي لهم والتأكد من أنهم ينالون قسطاً كافياً من النوم. أنشري هذه المعلومات بين أقاربك وصديقاتك وشجعيهم على التحدث مع صغارهم والقراءة والغناء لهم.

كيف يفهم البشر الكلام؟

نحن البالغين نفهم ما نسمعه وما نقرأه كلمة كلمة، أي نفهم كل كلمة على حدا. والمهمة سهلة أثناء القراءة لأن الفراغات بين الكلمات تفرقها. أما أثناء الحديث فنحن نميز الكلمات لأننا سمعناها سابقاً مراراً في لغتنا. ولكن كيف الحال عند المواليد الصغار وفي السنين الأولى فهم ليس لديهم اي خبرة سابقة مع لغتهم. كيف يتعلمون لغتهم ويفهمون ما يسمعون.

الحصة الأولى في درس اللغة تبدأ داخل الرحم

يتطور سمع الجنين ودماغه بشكل مستمر. وفي الثلث الأخير من الحمل يتمكن من سماع وتمييز الإختلافات في درجة الصوت وإيقاع ما يسمعه والتدرج في سماكة الصوت. ولكل لغة اختلافات في النغم وطريقة التشديد على مقاطع الكلمات. تعبر الأصوات الى الجنين فيسمعها كما تعبر اصوات الناس حول البركة الى من يسبح تحت الماء. هذه الأصوات مهمة في تعلم اللغة لاحقاً فهكذا يبدأ الجنين في تمييز لغة أمه ويتمكن من التعرف عليها بعد ولادته. ونلاحظ كيف يُظهر المولود الجديد اهتماماً خاصاً بلغة أمه دون اللغات الأخرى عندما يسمعها حتى قبل أن يفهم أي كلمة منفصلة.




كيف تساعدي صغيرتك على تعلم الكلام؟

أظهرت الدراسات ان صغيرتك تميز لغتها العربية من اليوم الرابع في حياتها. وما عليك الا استخدام بعض الاساليب لمساعدتها على تعلم لغتها بمعالمها وأنماطها الخاصة.

استعمال الصوت الرفيع مع المبالغة في تنويع درجات الصوت أثناء الحديث

وجدت الدراسات ان هذه الطريقة التي تستعملها الأمهات تلقائياً في التحدث مع الصغار في الأشهر الأولى هي المفضلة لديهم. ويبدي المواليد اهتماماً أكبر بما يقال عندما تستعمل درجة رفيعة في الصوت. وكذلك عندما تغير الأم درجات الصوت بشكل مبالغ به أثناء حديثها مع مولودها. ويقل اهتمامهم عندما تتحدث معهم كما لو كانت تحدث شخصاً بالغاً. ميل الأطفال الى هذه الطريقة من الكلام سببه انها تمكنهم من تركيز اهتمامهم على جزء صغير من بحر الأصوات والكلمات التي يسمعونها كل يوم حولهم وهذا يسهل عملية التعلم.

الكلام ببطء

يسهل على الصغار تعلم الكلمات عندما يسمعونها بشكل بطيء مع التركيز على وضع الكلمة الأهم في نهاية الجملة أو المصطلح. فعند تعليمهم كلمة حليب مثلاً، يفضل القول “ما أزكى طعم الحليب” عن “الحليب طعمه كتير زاكي.”
فعندما تتكلمي ببطء يسهل على صغيرتك تمييز كل كلمة على حدا فتتعلمها بشكل صحيح ولا تختلط الكلمات ببعضها. كما ان قدرة دماغ الصغار على تدوير الأصوات في رأسهم processing وفهم تركيبتها أبطأ ولذلك هم بحاجة لوقت أطول بين الكلمة والأخرى حتى يميزوها.

استعمال كلمات منفصلة

ينطبق نفس التفسير على استعمال كلمات منفصلة. فقد وجد أن الكلمات التي يسمعها الصغار لوحدها مثل “ماما” أو “باي” بشكل متكرر هي عادة من أوائل الكلمات التي يتمكنوا من لفظها. عندما تسمع صغيرتك الكلمة منفصلة يسهل عليها تمييز أين تبدأ وأين تنتهي الكلمة. وهكذا لا تختلط الكلمات في سيل الحديث كما يحدث لو سمعتها في جملة وهذا يسهل تعلمها.

تكرار الكلمات

وأول الكلمات التي يتعلمها الصغار هي تلك التي تتكرر بسبب كثرة استعمالها في حديث أهلهم معهم مثل ماما وبابا وبيبي. وعلى نفس المبدأ يتعلمون بسرعة الكلمات ذات المقاطع المتطابقة المكررة مثل “باي باي” أو بابا أو ماما أو “هٓم هٓم”. تكرار الكلمات يسهل عليهم التعرف عليها والتقاطها من باقي الكلام مما يحفر أثر اوضح للكلمة في ادمغتهم وفي النهاية يمكنهم من نطقها بشكل فيه أقل قدر من الأخطاء. وعندما يسمع الصغار الكلمات ذات المقاطع المكررة تضيء مناطق نشاط الدماغ بشكل أقوى. ويدل هذا على ميزة الكلمات المكررة في تعلم اللغة عند الصغار.

وبيت القصيد مما سبق ان التحدث مع الأطفال مهم منذ اليوم الأول. ويفضل ان يتم بطريقة مختلفة لها نغم وتتميز ببطئها وتكرار الكلمات وتغيير درجات الصوت بشكل واضح. فالحديث مع الصغار ليس مجرد لفتة تفاعلية اجتماعية بل هو وسيلة مهمة في تعليمهم لغتهم.


اكتشاف المزيد من مشوارك مع صحتِك

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

ما رأيِك؟ هل لديك تعليق؟

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.