حبوب منع الحمل

كان العام 1956 مختلفاً بالنسبة لنساء جزيرة بويرتو ريكو، تلك الجزيرة الصغيرة الواقعة شرق الساحل الشرقي لأمريكا الشمالية في البحر الكاريبي. إذ بدأت أول مجموعة من النساء في استعمال حبوب منع الحمل. وكانت تلك الأقراص أيضاً مختلفة، فقد كانت مكوناتها وجرعاتها تختلف كثيراً عما تستعمله خمسة وستون مليون امرأة تعتمد حالياً على حبوب منع الحمل لتنظيم أسرهن بعد أن رحبت به نساء أمريكا في عام 1959 ثم تلتها بعد عامين نساء بريطانيا. وتوالت الأبحاث والتطويرات فظهرت وسائل أخرى تعتمد على الهورمونات الموجودة في أقراص منع الحمل مثل الإبر العضلية والحلقات المهبلية واللصقات والدفائن واللولب الهورموني.

تحتوي أغلب أقراص منع الحمل على نوع من هورمونات الإستروجن ونوع من هورمونات البروجستن. وتختلف الأسماء التجارية ولكن قد تتطابق بعضها في أنواع وجرعات مكوناتها. وتحتوي العلبة على 21 حبة (أو 22 حبة) تأخذها المرأة ثم تتوقف 7 أيام (أو 6 أيام) لتسمح بانخفاض الهورمونات في دمها كما يحدث في الدورة الشهرية الطبيعية قبل نزول الطمث. هذا وقد تحتوي علب بعض الأصناف على سبعة أقراص من الحديد أو من مادة خاملة كي تتناولها المرأة في النهاية بعد تناول  21 حبة من حبوب منع الحمل.




إن حبوب منع الحمل آمنة وعالية الكفاءة بالنسبة لغالبية النساء التي تتناولها. وسنتحدث هنا عن طريقة عملها، ودرجة كفاءتها، وأنواعها، وفوائدها ومضارها وأعراضها الجانبية.

كيف تعمل حبوب منع الحمل؟

ببساطة…تمنع الحبوب المكونة من الهورمونات نزول البويضة من المبيض. كما أنها تعيق حركة الحيوانات المنوية إلى داخل الرحم بسبب تأثيرها على المخاط في عنق الرحم وزيادة كثافته ولزوجته. أيضاً تترقق بطانة الرحم تحت تأثير الحبوب مما يضعف من فرصة نجاح التصاق البويضة المخصبة بها. وبسبب هذه العوامل مجتمعة تمنع الحبوب الحمل بكفاءة عالية. ولكن تعتمد هذه الكفاءة على التزام المرأة بأخذ حبة كل يوم في نفس الموعد فإذا نسيت المرأة تناولها أو لم يتمكن الجسم من امتصاصها بسبب التقيؤ مثلاً يمكن أن تجد المرأة نفسها حامل في آخر الشهر. ومع الاستعمال المثالي يمكن أن يحدث الحمل عند امرأة واحدة بين كل مائة امرأة تتناول حبوب منع الحمل.

أنواع حبوب منع الحمل

من الضروري زيارة الأطباء للحصول على النوع المناسب من حبوب منع الحمل. وهناك فئتان رئيسيتان منها. الأولى هي الحبوب المزدوجة والتي تتركب من نوعين من الهورمونات وهي إستروجن وبروجستن. أما الفئة الثانية فهي الحبوب المركبة من بروجستن فقط.

الحبوب المزدوجة

وتستعملها غالبية النساء اللاتي يعتمدن على حبوب منع الحمل. وهناك الكثير من الماركات والأسماء التي تختلف في تركيزها وفي أنواع هورمونات الإستروجن والبروجستن التي تتركب منها. ولذلك إذا سببت ماركة معينة أحد الأعراض الجانبية يمكن تجربة ماركة أخرى.

طريقة تناول حبوب منع الحمل

إبدأي بتناول أول حبة من أول علبة في اليوم الأول من الطمث (العادة الشهرية). احتفظي دائماً بعلبة إضافية وبوسيلة أخرى احتياطية لمنع الحمل لاستعمالها إذا نسيت تناول بعض الأقراص أو أضعت العلبة.

 هناك علب تحتوي على 21 حبة- تناولي حبة منها يومياً في نفس الموعد لمدة 21 يوماً ثم توقفي لمدة 7 أيام قبل أن تبدأي العلبة التالية وسيبدأ الطمث خلال الأسبوع الذي لا تتناولي فيه الحبوب.

 وهناك علب تحتوي على 28 حبة- تناولي حبة منها يومياً في نفس الموعد لمدة 28 يوماً. وتحتوي أول 21 حبة على هورمونات أما آخر 7 حبات فقد تحتوي على هورمون إستروجن وحده أو تكون أقراص خاملة لا تحتوي على أي هورمون. وسينزل الطمث في الأيام التي تأخذي فيها الأقراص الخالية من الهورمونات.

عند تناول أول علبة من أي نوع من حبوب منع الحمل هناك احتمال عالي لنزول كمية متفاوتة من الدم بشكل غير منتظم في الأشهر الأولى من الإستعمال ولكن هذا أمر طبيعي ومؤقت بينما يتأقلم جسمك مع التغيير في مستوى الهورمونات.

معلومات هامة- من الضروري تناول حبوب منع الحمل بالطريقة الصحيحة حتى تقوم بمهمتها بكفاءة. لا تتخلفي عن تناول أي حبة لأي سبب كان – حتى لو لاحظت نزول الدم في غير الموعد الطبيعي أو شعرت بالمرض. وقد لا تعمل حبوب منع الحمل إذا لم يتم امتصاصها بسبب التقيؤ مثلاً ولذلك عليك استعمال وسيلة بديلة لمنع الحمل إذا أصبت بالتقيؤ أو الإسهال ريثما تذهبي لزيارة الطبيب.

قد تؤثر بعض الأدوية الأخرى التي تتناوليها على كفاءة حبوب منع الحمل ومنها بعض المضادات الحيوية وعلاجات الصرع. كما تؤثر حبوب منع الحمل بدورها على فعالية بعض الأدوية الأخرى. وسيسألك الطبيب عن الأدوية الأخرى التي تتناوليها قبل أن يصف لك حبوب منع الحمل. وفي بعض الأحوال قد تحتاجي إلى استعمال وسيلة إضافية لمنع الحمل ريثما تتوقفي عن تناول هذه الأدوية المؤثرة أو قد تحتاجي إلى اختيار وسيلة أخرى لمنع الحمل غير الحبوب.

من الضروري أن تعرفي كيف تتصرفي إذا نسيت حبة من حبوب منع الحمل، وتختلف الإجراءات حسب الحبوب التي تتناوليها. إقرأي بعناية التعليمات في الورقة الموجودة داخل علبة حبوب منع الحمل وقد تحتاجي أيضاً إلى استشارة طبيبك. قد تحتاجي أحياناً إلى استعمال وسيلة إضافية لمنع الحمل إذا كنت قد نسيت أكثر من حبة أو تأخرت أكثر من 12 ساعة عن الموعد المعتاد.

 فوائد حبوب منع الحمل

نعم… فلحبوب منع الحمل فوائد صحية غير منع الحمل. إنها تساعد على تنظيم الدورة الشهرية وتخفيف نزف الدم وتقصير مدته وتقليل ألم البطن. ولذلك فهي تستعمل في علاج حالات الألياف والبطانة الهاجرة وعدم توازن الهورمونات. ومن فوائدها أيضاً التقليل من خطر سرطانات الرحم والمبايض وتحسين كثافة العظام عندما تقترب المرأة من سن الإياس، كما تساعد بعض أصناف الحبوب على السيطرة على حب الشباب. أما بالنسبة لموضوع زيادة الوزن الذي يقلق بعض النساء عند التفكير باستعمال حبوب منع الحمل فقد استنتج الباحثون أن لا وجود لعلاقة بين تناول حبوب منع الحمل المزدوجة وزيادة الوزن.

 

مخاطر حبوب منع الحمل

تزيد الحبوب المزدوجة احتمال ظهور بعض الحالات التي قد تعتبر خطرة وتشمل:

–           جلطة دموية في أوعية الساقين.

–           الجلطة في شرايين القلب والسكتة الدماغية (ويزيد التدخين هذا الخطر).

–           مشاكل المرارة.

–           أورام الكبد.

ولكن خطر حدوث المشاكل الخطيرة قليل عند غالبية النساء التي تستعمل وسائل منع الحمل التي تحتوي على الهورمونات المزدوجة. ومع هذا فعلى بعض النساء عدم استعمال حبوب منع الحمل المزدوجة بسبب زيادة خطر المضاعفات عندهن، فمثلاً على النساء المدخنات فوق سن الخامسة والثلاثين أن لا يستعملن وسائل الهورمونات المزدوجة، إو عندما يتزامن وجود أكثر من عامل مساعد على ظهور أمراض اقلب والشرايين. ومن المهم أن تستشير النساء اللاتي يعانين من مشاكل مرضية معينة الطبيبة قبل استعمال وسائل منع الحمل التي تحتوي على هورمونات مزدوجة.

الحالات المرضية التي تزيد من مخاطر المضاعفات الهامة مع استعمال حبوب منع الحمل المزدوجة هي:

–           إرتفاع ضغط الدم.

–           أمراض القلب.

–           في حال الإصابة السابقة بجلطة في الأوعية الدموية العميقة.

–           في حال الإصابة السابقة بالسكتة الدماغية.

–           أمراض الدم التي تزيد استعداد الجسم لتشكيل جلطات.

–           وجود متزامن لأكثر من عامل مساعد على ظهور أمراض القلب مثل (التقدم بالعمر، التدخين، السكري وارتفاع ضغط الدم).

–           سرطان الثدي.

–           بعض أنواع الصداع النصفي التي تصحبها الأورة (aura) وجميع أنواع الصداع النصفي عند المرأة فوق الخامسة والثلاثين.

–           الذأب الحمامي SLE إذا تواجدت معه الأجسام المضادة للشحميات الفوسفورية antiphosphoplipid antibodies.

–           مرض السكري إذا كان مصحوباً بمضاعفاته.

–           أورام الكبد.

–           تليف الكبد إذا كان شديداً cirrhosis.

–           وجود مضاعفات مع زراعة الأعضاء مثل الكلى مثلاً.

في بعض الحالات قد يكون من الأفضل تناول حبوب البروجستن فقط ولذلك من المفيد التحدث بالتفصيل مع طبيبتك حول خياراتك جميعها.

حبوب بروجستن فقط

هذه حبوب لمنع الحمل تتركب من هورمون واحد فقط واسمه بروجستن وهي مناسبة لبعض النساء اللاتي لا يستطعن تناول الحبوب المزدوجة، و تستخدمها عادةً النساء المرضعات بعد الولادة.

كيف تؤخذ؟ تحتوي العلبة على 28 حبة وتتركب جميعها من الهورمون نفسه. تناولي حبة واحدة في  نفس الموعد يومياً لمدة 28 يوماً. ومن الضروري الإلتزام بالموعد يومياً حتى تتمكن الحبوب من الحماية بكفاءة، ولذلك إذا كنت ممن لا يستطعن الإلتزام بالبرنامج والموعد المحدد فقد لا يكون هذا النوع من حبوب منع الحمل مناسباً لك. فإذا تأخرت ثلاث ساعات أو أكثر عن الموعد أو في حالة القيء بعد تناول الحبة عليك تناول حبة أخرى في أقرب فرصة واستعمال وسيلة إضافية لمنع الحمل لمدة 48 ساعة.

فوائد حبوب بروجستن

بالإضافة إلى منع الحمل تخفف هذه الحبوب كمية الطمث وقد لا يحدث الطمث بتاتاً أثناء تناول هذه  الحبوب. وهذا أمر جيد بالنسبة للنساء اللاتي يشكين من غزارة الطمث أو آلام الطمث.

الأخطار – إن احتمال حدوث مضاعفات خطرة أقل عند استعمال هذه الفئة، ولكن قد لا تناسب النساء اللاتي يعانين من مشاكل صحية معينة مثل أورام الكبد والذأب SLE. كما على النساء المصابات بسرطان الثدي الإمتناع عن تناول حبوب بروجستن.

الأعراض الجانبية لحبوب منع الحمل

إن غالبية الأعراض الجانبية لحبوب منع الحمل ثانوية وتختفي عادة بعد أشهر قليلة. كما أن تناول الحبوب في نفس الموعد يومياً يقلل من الأعراض الجانبية. وتشمل الأعراض الجانبية الأكثر شيوعاً ما يلي:

* الصداع.

* الشعور بعدم الراحة في الثديين.

* الغثيان.

* نزول الدم بشكل غير منتظم.

* غياب الطمث.

* زيادة الوزن (عند استعمال حبوب بروجستن).

* القلق أو الإكتئاب (عند استعمال حبوب بروجستن).

* زيادة ظهور الشعر على الجسم (عند استعمال حبوب بروجستن).

* حب الشباب (عند استعمال حبوب بروجستن).

وقد لا يحدث الطمث مع تناول حبوب منع الحمل وفي تلك الحالة عليك الاستمرار بتناول الحبوب إذا كنت قد التزمت سابقاً وتناولت جميع الأقراص حسب التعليمات. أما إذا كنت قد نسيت تناول قرصاً أو أكثر ولم يبدأ الطمث فزوري طبيبتك. لا تتوقفي عن تناول الحبوب فمن غير المرجح أن تكوني حامل. كما أن تناول حبوب منع الحمل أثناء الحمل لا يزيد من ظهور التشوهات الخلقية عند الجنين.

وأخيراً وليس آخراً

إن حبوب منع الحمل آمنة وفعالة عند أغلب النساء اللاتي يستعملنها لمنع الحمل. كما أنها سهلة الإستعمال ومريحة ومفعولها غير دائم فهي لا تسبب آثاراً دائمة مثل العقم بعد التوقف عن تناولها. نعلم أن بعض النساء تعتقد أنها تسبب العقم وتنشر هذه الفكرة عن غير وعي من جيل إلى جيل ولكن لم تكشف أي دراسة علمية عن علاقة بين حبوب منع الحمل والعقم. ومن الأجدر بكل أم أن تشجع بناتها على تنظيم مواعيد الحمل والمدة المثالية بين حملين متتاليين تقارب ثلاثة سنوات. هذه فرصة لتسترد الأم عافيتها وتستريح من متطلبات الحمل كما أنها فترة أساسية من تكوين عقل وشخصية الطفل إذ أظهرت الدراسات أن ثمانين بالمائة من شخصية الإنسان تتشكل في السنين الثلاثة الأولى من حياته. ولذلك فمن حق الطفل على أبويه أكبر كمية من الإهتمام في هذه المرحلة ولكن كيف يمكن لأم مرهقة بحمل جديد وواجبات كثيرة  أن تهتم بطفلين أو أكثر في عمر متقارب لم يتعدى ثلاثة! زوري طبيبتك إذا فكرت في تناول هذه الأقراص لمنع الحمل وتحدثي عن حالتك بالتفصيل.


اكتشاف المزيد من مشوارك مع صحتِك

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

ما رأيِك؟ هل لديك تعليق؟

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.