لماذا يصف الأطباء المضاد الحيوي للرشح؟
يعلم الأطباء أن كتابة وصفة مضاد حيوي للمريضة التي تعاني من الرشح أو التهاب بسيط في الجيوب الأنفية لن تقدم أو تؤخر شيئاً في شفائها، ولكن بالرغم من هذا فكثير من الأطباء يكتبون الوصفة. حتى في بلد متقدم مثل أمريكا وجدوا أن نصف الوصفات التي كتبها الأطباء لمضاد حيوي وعددها 100 مليون وصفة سنوياً كانت لمرضى يشكون من مشاكل في المجاري التنفسية لا تفيد المضادات الحيوية في علاجها إذ أن غالبية هذه الإلتهابات تسببها فيروسات وليس بكتيريا. وتشفى هذه الإلتهابات تلقائياً بدون علاج خلال بضعة أيام كما لا تؤثر عليها المضادات الحيوية اصلاً فالمضادات الحيوية قادرة على قتل البكتيريا وليس الفيروسات.
لماذا، يا ترى يحدث هذا؟
يقول الأطباء أن أغلب المرضى لا يشعرون بالرضى إلا إذا وصف الطبيب الدواء. وهذا يحدث فعلاً في كثير من الأحيان، إذ تأتي الأم وبصحبتها طفلتها المريضة إلى عيادة طبيب الأطفال وفي ذهنها أنها ستخرج ومعها وصفة تشفي طفلتها. إن رغبتها بفعل شيء ملموس لشفاء طفلتها أمر مفهوم وطبيعي ولكن المضاد الحيوي ليس هو علاج العلة وقد يسبب هو نفسه مشاكل للطفلة وأحياناً مشاكل خطيرة. فأيضاً في أمريكا وجدت الإحصاءات أن 140,000 شخص ومن بينهم الكثير من الأطفال يقصدون غرفة الطوارئ بسبب رد فعل أو أعراض جانبية ناتجة عن المضادات الحيوية. وأحياناً يكون رد الفعل شديد لدرجة تستدعي إدخال المريض إلى المستشفى.
هناك نتيجة أخرى لهذا الإستعمال الموسع للمضادات الحيوية وهو تطور قدرة البكتيريا على مقاومة المضادات الحيوية. يقول د. عاصم الشهابي أستاذ المايكروبات الطبية في كلية الطب في الجامعة الأردنية، “فعليا أصبحت هذه الظاهرة الخطيرة خلال السنوات العشر الأخيرة، أحد أهم أسباب زيادة حالات فشل معالجة الالتهابات والحميات بجميع أنواعها”. فالبكتيريا موجودة في أجسامنا وفي كل مكان تقريباً. وعندما تتعرض البكتيريا وإيانا إلى المضادات الحيوية بشكل متكرر تتمكن في النهاية من تغيير مادتها الوراثية فتكتسب مقاومة تجعلها تتغلب على المضادات الحيوية فلا تموت بالرغم منها. وهذا سيناريو خطير لأن هذه البكتيريا قد تعود وتصيبنا في المستقبل أو تصيب أي شخص آخر وعندها لا ينفع العلاج. وتشير الأبحاث إلى أن 70 بالمائة من حالات الوفاة بين المرضى المصابين بعدوى سببها بكتيريا ناتجة فعلياً عن مقاومة هذه البكتيريا للمضادات الحيوية.
ومن مصائب العالم الثالث مثل الأردن وباقي البلاد العربية أنه يمكن لأي شخص الحصول على المضاد الحيوي من أي صيدلية بدون وصفة طبية وهذا يدعو الناس إلى تناولها بشكل موسع متكرر وخاطىء. مثلا أخبرتني إحدى مريضاتي أنها تتناول حبة مضاد حيوي واحدة عندما تصاب بالزكام وتجزم أنها تشفى. طبعاً، هذا وهم وما بعده وهم!
ليس هذا كل ما في الأمر، فهناك الأثر المادي على جيب المريضة ومالية بلادها فأسعار الأدوية لا تنفك في تزايد وقد تأكل نسبة غير بسيطة من ميزانية الأفراد والدول على حد سواء إذا لم يتعاون المرضى والأطباء في إيقاف هذه الممارسات والتوقعات التي لا تصب في مصلحة أحد سوى شركات الأدوية الغنية، العالمية منها والمحلية.
سؤال: هل تباع المضادات الحيوية بدون وصفة طبية في بلدك؟ يسعدنا أن نعرف. وما هو رأيك في تقييد شراء المضادات الحيوية إلا بوصفة طبية؟ يمكنك التعليق بالضغط على Leave a comment أدناه.
اكتشاف المزيد من مشوارك مع صحتِك
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.