طول الدورة وتأخر نزول الطمث

نزول الطمث بشكل متباعد بحيث تتعدى الفترة بين طمثين متتاليين أربعة أو خمسة اسابيع

هناك ما يسمى بالدورة التناسلية وهي المدة التي يحتاجها جسم المرأة لإفراز البويضة ثم إعطائها الفرصة ليتم إخصابها وحدوث الحمل.

الإخصاب والإباضة

وتبدأ كل دورة في أول يوم من نزول الطمث (الحيض أو العادة) وهو ما يلقيه الرحم من بطانته في كل شهر. ولكن قد تتباين مدة هذه الدورة التناسلية بين النساء فتتراوح بشكل طبيعي ما بين 21 و35 يوماً. كما أنه من الطبيعي أيضاً أن تتباين مدة الدورة التناسلية يومين أو ثلاثة عند المرأة نفسها بين شهر والذي يليه.

إن النظام الذي يتحكم بالدورة التناسلية معقد بحيث يسمح لأكثر من بويضة بالنمو داخل المبيض بشكل دوري ولكن لا تصل البويضات جميعها إلى درجة كافية من النضوج فلا يتم إفراز سوى بويضة واحدة في كل دورة عندما تنضج قبل نزول الطمث باربعة عشر يوماً. وتحيط بالبويضة داخل المبيض مجموعة من الخلايا وتفرز هورمون إستروجن ثم تفرز هذه الخلايا هورمون آخر بعد الإباضة ويسمى بروجسترون ويقوم هذان الهورمونان بتنشيط نمو بطانة الرحم وزيادة سماكتها في كل شهر. تدخل البويضة بعد نزولها من المبيض إلى أنبوب فالوب وتتدحرج باتجاه الرحم فإذا تم الجماع بدون استعمال مانع للحمل تنشأ فرصة لإخصاب البويضة ا لتي تزرع نفسها بعد الإخصاب في بطانة الرحم الجاهزة لاحتضان الجنين وتنميته.

تقارب فرصة إخصاب البويضة 28% فقط بالرغم من عدم استعمال موانع الحمل وعندما لا تخصب لا تنزرع في بطانة الرحم وتنفصل هذه البطانة وتنزل عبر القناة المهبلية بعد أربعة عشر يوماً من الإباضة مصحوبة بكمية من الدم ثم تبدأ الدورة التناسلية التالية وتتكرر هذه العملية مع مجموعة جديدة من البويضات.

عدم نزول الطمث شهرياً لأسباب طبيعية

ينزل الطمث بشكل متباعد عند بعض الإناث بحيث تتعدى الفترة بين طمثين متتاليين أربعة أو خمسة اسابيع ولكن قد يكون الأمر طبيعياً في السنوات الثلاثة الأولى بعد البلوغ لأن المبايض بحاجة إلى بعض الوقت حتى تنضج تماماً فيبقى الطمث متباعداً أو غير منتظم عند كثير من البنات في سن المراهقة. إذاً لا داعي للقلق فليس هناك أي خلل أو مرض عند الفتاة التي تحتاج إلى بضع سنوات حتى تنتظم دورتها التناسلية.

هذا ويتباعد الطمث في مرحلة ثانية من حياة المرأة وهي في نهاية المرحلة التي تكون فيها المرأة قادرة على الإنجاب أي عندما يقترب الإياس. فالمرأة يولد معها عدد محدد من البويضات ولا يزيد بعد ذلك. وتشترك في بداية كل دورة بويضات كثيرة في سباق لتفوز عدم انتظام الدورةإحداهن بالإباضة وتفنى باقي البويضات. ومع مرور السنين يقل عدد البويضات الباقية في مبايض المرأة ويقل عدد مرات الإباضة، وبما أن انتظام الطمث مرتبط باتظام نمو البويضة والإباضة ينتج عن الوضع الجديد تباعد في نزول الطمث. في نهاية الأمر يتوقف نزول الطمث عندما تصل المرأة إلى سن الإياس وهو 51 عاماً بالمعدل. وقد يتباعد الطمث قبل توقفه نهائياً بثماني سنوات أو أكثر وهذا أمر طبيعي ولكن تعتبر المرأة قد دخلت مرحلة الإياس بعد توقف الطمث لمدة عام. ويعتبر أي نزف من المهبل بعد الإياس أمراً غير طبيعي وقد يشير أحياناً إلى وجود مشكلة تحتاج الفحص والتقييم من الأطباء.

هناك مرحلة ثالثة من حياة المرأة قد تتسم بتباعد الطمث أكثر من خمسة أسابيع وهي فترة ما بعد الولادة. وقد يعود الطمث للإنتظام ثلاثة أو أربعة شهور بعد الولادة أو قد يتأخر عن ذلك إذا ارضعت المرأة طفلها رضاعة طبيعية من الثدي وتتفاوت المدة حسب عدد مرات الرضاعة.

تأخر نزول الطمث لأسباب غير طبيعية

قد تكون أسباب تباعد الطمث غير طبيعية، فإذا كان الطمث منتظم سابقاً ثم أخذ بالتأخر بحيث طالت المدة بين طمثين أكثر من خمسة أسابيع أو توقف الحيض كلياً ولم تكوني قد وصلت سن الإياس قد يكون الأمر غير طبيعي. أحياناً قد لا ينتظم الطمث أبداً عند بعض النساء فإذا لم ينتظم وبقي الطمث متباعداً بعد أربعة سنين من نزوله الأول عند البلوغ قد يكون الأمر غير طبيعي أيضاً. وبما أن ما يسبب نزول الطمث بانتظام هو انتظام نمو البويضة ونزولها من المبيض ثم انفصال بطانة الرحم وخروجها فإن عدم حدوث الإباضة شهرياً يؤدي ايضاً إلى تباعد نزول الطمث.

إن نظام التحكم بالدورة التناسلية الشهرية معقد جداً وقد يؤدي تغير بسيط في توازن الهورمونات إلى تباعد نزول الطمث أو حتى توقفهنظام التحكم بالإباضة كلياً. وتقوم هورمونات يفرزها الدماغ والغدة النخامية فيه بتنشيط نمو البويضة داخل المبيض ثم تقوم الهورمونات التي يفرزها المبيض اثناء نمو البويضة (هورموني إستروجن وبروجستيرون) بتنشيط نمو بطانة الرحم وزيادة سماكتها. وتوازن هذه الهورمونات والتوقيت الدقيق لإفرازها ووصولها إلى الدم أمران مهمان للمحافظة على نظام طبيعي ومنتظم للإباضة ونزول الطمث. وقد تسبب تغيرات بسيطة غير طبيعية في شكل وتوقيت إفراز هذه الهورمونات قلب النظام برمته وتباعد الطمث. ومن المثير للإنتباه أن شيئاً لا يحدث غير خلل نظام الإباضة والطمث إذ يبدو أنهما في غاية الحساسية بالمقارنة مع وظائف الجسم الأخرى. وقد تكون هذه وسيلة الخالق في تقليل احتمال حدوث الحمل عندما لا تكون المرأة في أوج صحتها وقدرتها على الولادة والعناية بطفل صغير.

هناك الكثير من الأمور القادرة على تخريب توازن الهورمونات وتتضمن قائمة الحالات التي تؤثر على الدورة التناسلية وتسبب تباعد الطمث ما يلي:

الضغط النفسي فالجهاز التناسلي حساس جداً للضغط النفسي وتلاحظ بعض النساء تباعد الطمث عندما تصبح الحياة مرهقة نفسياً بشكل ملحوظ – مثل فترة الإمتحانات الدراسية أو عند رعاية أقارب مصابين بأمراض صعبة أو خطيرة. ولكن يعود الطمث إلى نظامه الطبيعي عندما تستقر الظروف.

تغير الوزن فزيادة أو خسارة أكثر من ثلاثة كيلوغرامات كافية أحياناً للتأثير على انتظام الطمث. هذا وقد يأخذ الطمث بعض الوقت للعودة إلى النظام الطبيعي حتى بعد عودة الوزن إلى المستوى المثالي.

النظام الغذائي فلأسباب ما زالت غير معروفة تماماً قد يصاحب توقف الطمث تحول المرأة إلى نظام غذائي نباتي ولكن يعود الطمث إلى طبيعته إذا تبنت المرأة نظاماً نباتياً متكاملاً متزناً.

النشاط الرياضي فالمواظبة على ممارسة الرياضة العنيفة أو المرهقة قد يؤثر على انتظام الطمث. وتشكو الكثير من الرياضيات الإناث من عدم انتظام الطمث.

المشاكل الصحية المزمنة فقد يتباعد الطمث أو يتوقف عند النساء اللاتي يشكين من أمراض مزمنة مثل مرض الأمعاء المسمى كرون أو أمراض الغدد الصماء بشكل خاص مثل السكري وأمراض الغدة الدرقية.

الأدوية مثل أدوية علاج الإكتئاب وغيرها.

بعض أقراص أو حقن منع الحمل مثل الأقراص التي تحتوي على هورمون بروجسترون لوحده وحقن ديبو بروفيرا (Depo-Provera) قد تسبب تباعد أو غياب الطمث.

إختلال الإباضة

يتباعد الطمث عند بعض النساء بسبب خلل محدد في توازن الهورمونات التناسلية غير ذلك الذي يصاحب الضغط النفسي أو فقدان الوزن أو أحد المشاكل الصحية التي ذكرتها سابقاً.

متلازمة تكيس المبايض Polycystic ovary syndrome

تعاني بعض النساء من عدم توازن في الهورمونات يؤدي إلى عدم القدرة على تنمية البويضات بشكل متوازن في كل شهر، وعند تصوير المبيض بالأمواج فوق الصوتية نرى عدداً من البويضات الصغيرة غير الناضجة وتنمو هذه بسرعات مختلفة ولكن قد يجد المبيض صعوبة في تنمية بويضة واحدة بشكل كافٍ يسمح بالإباضة. وأحياناً ينمو كيس أو اثنين حول بعض البويضات ومن هنا يأتي إسم متلازمة تكيس المبايض ولكن تختفي هذه الأكياس تقريباً دائماً عند نزول الطمث التالي. وينتج عن عدم انتظام نمو البويضات عند النساء اللاتي يعانين من متلازمة تكيس المبايض عدم انتظام وتباعد الطمث. هذا وقد تميل بعض النساء ممن يعانين من متلازمة تكيس المبايض إلى السمنة وتشكو من حب الشباب وزيادة نمو الشعر على الوجه والجسم.

كيس بالمبيض

قد يؤدي وجود كيس بالمبيض الى عدم انتظام الدورة فقد يتأخر نزول الطمث أو قد ينزل بشكل متقطع ويستمر لمدة أطول من المعتاد. وتعود الدورة الى طبيعتها عندما يختفي الكيس تلقائياً إذا كان من النوع الوظيفي functional cyst أو عندما يزال جراحياً اذا كان ذلك ضرورياً.

ارتفاع مستوى هورمون الحليب أو برولاكتن

يرتفع مستوى هورمون برولاكتين الذي يفرزه جزء من الدماغ يسمى الوطاء hypothalamus وقد يسبب تباعد أو غياب الطمث. وأحياناً يفرز الثدي بعض الحليب عند ارتفاع هورمون برولاكتن. وقد يكون سبب زيادة هذا الهورمون عند بعض النساء وجود ورم صغير حميد في الغدة النخامية في الدماغ.

الإياس المبكر

إن معدل عمر المرأة عند الإياس 51 عاماً ولكن قد يبدأ الإياس مبكراً أحياناً ومن الممكن أن يحدث في عمر مبكر جداً لا يتعدى العشرين ولكنه أمر غير شائع.

متى تجب استشارة الأطباء

إن تباعد الطمث أثناء المراهقة أو قرب سن الإياس أمر طبيعي ولا داعي للقلق. وإذا كان عدد مرات نزول الطمث عندك قليلاً ولا يسبب إزعاجاً لك وكنت في سن المراهقة أو في الأربعينات فيمكنك الإطمئنان ولا داعي لزيارة طبيبتك.

غزارة الطمث– فإذا نزل الطمث بغزارة مزعجة كما يحدث أحياناً أثناء سن المراهقة وقرب الإياس فقد تكوني بحاجة إلى زيارة الطبيب.

تغير الطمث عن المعتاد- إذا تباعد الطمث أوتوقف كلياً وكان هذا غريباً عليك أو إذا كنت ممن لم ينتظم الطمث والدورة التناسلية عندهن أبداً فعليك استشارة الطبيب. تذكري دائماً أن من أول علامات الحمل غياب الطمث فإذا كان احتمال الحمل وارداً في حالتك قومي بزيارة الطبيب وحاولي مساعدة طبيبك بتسجيل مواعيد الطمث حتى يتمكن من الإطلاع على نظام الدورة التناسلية ونزول الطمث في حالتك.

الرغبة في الحمل- إذا كنت ترغبي أو فعلا تحاولي أن تحملي مع وجود عدم انتظام أوغياب الطمث فلا تتأخري كثيراً عن زيارة طبيبتك إذ قد يكون الحمل أصعب في مثل حالتك بالمقارنة مع النساء اللاتي يتمتعن بدورة تناسلية منتظمة ونزول الطمث شهرياً.

الحاجة إلى استعمال موانع الحمل- لا تعتمدي على غياب أو تباعد الطمث لمنع الحمل إذا كنت غير راغبة بالحمل وذلك لأن الجسم قادر على تصحيح توازن الهورمونات في أي وقت بحيث يصبح الحمل ممكناً، وعليك استعمال وسيلة لمنع الحمل إذا كانت هذه رغبتك. كما وقد يكون من الضروري التحدث مع طبيبتك لاختيار الوسيلة المناسبة لك.

قد تكتفي أحياناً طبيبتك بتطمينك بأن وضعك طبيعي وبأن انتظام نزول الطمث قد يحتاج لبعض الوقت وتقوم طبيبتك بهذا بعد توجيه بعض الأسئلة وإجراء الفحص الطبي وأخذ عينة من دمك لإجراء بعض الفحوصات المخبرية. وفي كثير من الأحيان ينتظم الطمث تلقائياً ولكن قد تحتاج بعض النساء– خاصة من يرغبن بالحمل- إلى إجراء بعض الفحوصات الإضافية وتناول العلاج.

وأخيراً يجدر الإشارة إلى أن غياب الطمث لبضعة شهور لا يهم ولا يعني أن كميات كبيرة من الدم مختزنة في داخل رحمك بانتظار الخروج. فبكل بساطة إن كل ما في الأمر أن النظام لا يعمل جيداً أو أنه مغلق تماماً، ولكن من غير الصحي البقاء على هذا الوضع لسنوات ومن الأفضل أن تستشيري الطبيبة.


اكتشاف المزيد من مشوارك مع صحتِك

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

تعليق واحد على “طول الدورة وتأخر نزول الطمث”

ما رأيِك؟ هل لديك تعليق؟

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.