مفتاح السعادة في جيبك

يكثر الحديث عن السعادة وكيف نطالها وننعم بها.Smiley face flower ويبدو لي ان كل مجلة او صحيفة او موقع الكتروني اتصفحه يحرص على افراد مساحة للحديث عن هذا الموضوع في هذه الايام. وهناك في رايي ما يبرر ذلك، فلو نظرنا الى حال البشر هذه الايام لوجدنا ما لا يبعث على الراحة. يبدو ان الاحساس بالسعادة او على الأقل السلام الداخلي يبتعدان اكثر فاكثر عن نفوس الناس. ويعتقد الكثيرون مخطئين ان سبب السعادة والتعاسة هو الآخرون او الحالة المحيطة بهم، اي في كلمات اخرى، يعتقدون أن السبب هو ما يحدث في الخارج. ولكن كم تبعد الحقيقة عن ذلك، فمصدر السعادة هو ما يدور في داخلك من افكار وانفعالات تؤثر على ما يصدر عنك من افعال تؤدي بدورها الى ظهور المزيد مما يشبهها في حياتك، فليس لاحد القدرة على اتعاسِك سواك. ان الحزن او الشعور بالهزيمة وصغر القيمة هي مشاعر وافكار تصنعيها بنفسك عندما تعطي وزنا وقوة لكلمات ناقدة او رأي لاذع صادر عن شخص ما في محيطك، اكبر من ايمانك بقيمة وغلاوة النفس التي بداخلك. ان اقوى ما يمكنك تقديمه لنفسِك هو ان تسامحيها وتتعاطفي معها وتحبيها فهي أغلى مما قد تعتقدين على الرغم من كل ما يصدر عنها او يدور حولها.

وسأسرد لك هنا ثماني نصائح تصدر مراراً وتكراراً عن السعداء الذين اكتشفوا أسرار السعادة، وهي في متناول يد جميع الناس وأنتِ منهم- صدقيني!

عيشي حاضرك وانسي الماضي تذكري هذا كثيراً، فالماضي قد انتهى مثل حلم الليلة الماضية، فلا تدعيه يبقى معك في باقي ايامك لينمو ويزداد ثقله فينهكك. هذا هو التعامل الأسلم مع الماضي، فلا فائدة من إحيائه لانه كالغبار لا ينفع في شىء سوى تعتيم الجو ونزع بريق ألوان الحاضر التي تُقبل الحياة مرتدية أثوابه.

تأكدي ان نبع السعادة ليس في امتلاك الاشياء قد تقولي لنفسك، ساصبح سعيدة عندما اشتري السيارة الجميلة او البيت الكبير او احصل على العلاوة او اتزوج او عندما ياتي الابناء والبنات ولكن عندما تتاملي الحياة ستجدي ان هذه الاشياء والاحداث لا تجلب السعادة الا بشكل مؤقت. فالسيارة الجديدة يصيبها القدم وتظهر عليها الخدوش وهكذا المنزل تظهر فيه الشقوق ويبهت طلاؤه ثم يصبح اصغر واقل جاذبية من ذي قبل. ويجعل غلاء المعيشة تلك العلاوة غير كافية، ثم هناك الحياة بمشاكلها ومسؤولياتها في كل زواج وكل عائلة.

تحكمي في اختيار افكارك فالسعادة قرار واختيار تتخذينه في كل لحظة وموقف. اسألي نفسك، هل احزن ام اتقبل هذه اللحظة كما هي واؤمن بان الحال سيتغير ليصبح احسن لا محالة. فلا شيء يدوم … لا شيء على الاطلاق. السيء يزول والجيد يزول ايضاً لتستمر دائرة الحياة في دورانها صعوداً ونزولاً. قولي لنفسك– سالتفت الى اوجه النجاح في حياتي واتمتع بنعم الله الكثيرة التي حباني بها، وساحمد الله كثيراً واشكر الناس كثيراً ايضاً. سأحتفل بحاضري ولن أفكر في قلق على مستقبلي، فالقلق حول المستقبل ليس إلا تهيؤات قد تحدث وقد لا تحدث، فلماذا تعذبي روحك بالقلق حول أمر قد لا يحدث. كما أن الأفكار السوداء لن تنفعك في شيء فأنت لن تغيري المستقبل وأنت في حالة القلق هذه. شدي العزم ومرني نفسك على الأفكار الإيجابية– ساقدر ما هو جميل في حياتي حتى ولو كان ليس الا سماءً صافية وبلداً امناً. سأقدر تلك الازهار الجميلة التي أراها في حديقة الجيران، سأقدر نعمة البصر، سأقدر قطتي الصغيرة التي تضحكني ومن ألف وعزف تلك الموسيقى العذبة التي أسمعها من مذياع مطبخ جارتي….فبالرغم من الهموم هناك دائما ما يستحق التقدير في حياتك التي تزخر بالخير والجمال وبذور السعادة التي ان اعتنيت بها ورويتها بملاحظتك لها ستكبر وتكثر وتظلك بفيِّها.

افعلي خيراً الخير جلاب للمزيد من الخير في أية صورة أو لون. وليس هذا كلام الفلاسفة فقط بل هناك ما يؤيده في أبحاث العلماء. فقد وجدت دراسة نشرت في مجلة الطب البديل والمكمل Journal of Alternative and Complimentary Medicine ان عمل الخير وتقديم اللطف عندما قام به مرضى الاكتئاب حتى وان كان على شكل مبادرات صغيرة كان له اثر ايجابي على حالتهم النفسية وبعث الراحة في نفوسهم. كما أن اللطف ومساعدة الغير والإهتمام بأحوالهم يجلب لك محبة الناس ودعمهم لك أنتِ.

أدخلي النشاط إلى حياتك واعطي جسمك ما هو بحاجة كبيرة إليه من نشاط ورياضة، فالركض والمشي والرقص والسباحة تخفف من الشعور بالقلق والهلع وتخفض من عدد حالات الاكتئاب كما اظهرت الدراسات، هذا بالاضافة الى اليوجا والتامل.جسمك يحتفل عندما تأخذيه للرياضة فيفرز مادة إندورفين التي ترفع المزاج وتخفف الألم. هذا بالإضافة إلى زيادة إفراز سيروتونين ودوبامين، هذه الناقلات الكيماوية الموجودة في الدماغ والتي تسبب الشعور بالسعادة.

احمدي الله كثيراً— عدّي وسجلي نعم الله عليك في كل يوم من ايامك واحمديه عليها. هناك عادة جميلة تعلمتها وهي ان اكتب في دفتر يومي خمسة احداث طيبة مهما كانت بسيطة او كبيرة حدثت في يومي- حتى ولو كان مجرد توقف سيارة وسماحها لي بقطع الطريق بامان، او كلمة تقدير بسيطة وابتسامة من زميلة او مراجعة للعيادة او قارئة لمقالتي.

لا تسارعي الى الحكم على الناس والاحداث— تجنبي تلك الافكار التي تتمحور حول تعداد مساوىء من حولك من الناس والأوضاع. انظري الى الجانب المشرق من الناس والأيام والأحداث وتوقعي ان تلمسي المزيد منه، ولكن لا تعرضي نفسك للخطر، فان وجدت من يؤذي من حوله بالقول والفعل اجتنبيه بروح إيجابية واطلبي له في صمتٍ الهداية والبركة.

تقبلي الحياة كما هي— سلمي امرك لله عز وجل، وذكري نفسك دائماً بان الله يراك ويسمعك وانه اقرب اليك من حبل الوريد كما قال في كتابه العزيز- وحبل الوريد كما جاء في التفسير هو شريان يخرج من القلب ويوصل الدم الى الدماغ. أنت لست وحدك في مجاهل الأرض، وهناك من يرعاك ويهديك ويعينك إذا فتحتِ قلبك ووجدانك.


اكتشاف المزيد من مشوارك مع صحتِك

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

ما رأيِك؟ هل لديك تعليق؟

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.