صباح أحد الأيام الماضية وقفت دقيقة عند شباكي وبدا لي ان جميع من مروا بسياراتهم على الطريق لم يكونوا قد ربطوا حزام الأمان حولهم.  عددت عشرين سيارة ولاحظت ان خمسة سائقين وسائقات فقط ارتدوا حزام الأمان. بحسبة بسيطة استنتجت ان ثلاثة أرباع السائقين لا يرتدون حزام الأمان اثناء قيادة سياراتهم! وللصدفة الغريبة جداً، في نفس ذلك اليوم جاءت سيدة الى العيادة في منتصف شهرها الخامس لتحصل على تصوير للجنين بالأمواج فوق الصوتية للتأكد من سلامته، وكما هو الحال مع كل مريضة تزور عيادتي سألتها عن تاريخ عائلتها الصحي فحدثتني انها حملت مرتين وانجبت بنتاً وصبياً في أتم صحة ولكنهما توفيا لاحقاً. كان سؤالي التالي بالطبع عن سبب الوفاة فسردت لي قصتها الحزينة.

مشوار بالسيارة يحرم ام من صغارها مرتين

حدثتني فقالت ان طفلها الأصغر توفي قبل بضعة سنوات في حادث سيارة فبينما كانت العائلة كلها- الأب والأم والطفلان داخل السيارة، اصطدموا بسيارة اخرى وتدهورت سيارتهم فمات ابنها وقذفت شدة الاصطدام طفلتها عدة امتار عبر شباك السيارة الى الخارج ولكنها نجت بأعجوبة. اما الام المكلومة فانكسرت فقرات رقبتها ولكن بعد العمليات ومعاناة ارتداء جهاز طبي لتثبيت العمود الفقري التأم الكسر فنجت هي الأخرى من مصير مخيف. مر الوقت وذات يوم خرج الأب مع ابنته الطفلة في مشوار قصير بالسيارة وحدثت المأساة الثانية في حياة هذه الأم الشابة إثر اصطدام السيارة مرة اخرى في حادث انتزع الحياة من تلك الطفلة الصغيرة ونجا الأب.

اطمئني فالجنين بخير

سمعت الحديث المحزن وابتدأنا بتصوير الجنين وفرحت أنا بأن ذلك الجنين كان يتمتع بالصحة وينمو بسرعة كما يجب. تحرك وتنفس وتثاءب وحرك شفاهه واطمأنينا انه على ما يرام فانبسطت اسارير الأم الشابة مما شجعني على سؤالها بعد ان مر بخاطري ما رأيته في الصباح حول حزام الأمان اثناء قيادة السيارة. سألتها اذا كانوا يرتدون احزمة الأمان في السيارة فأجابتني بأسى بانهم للأسف لا يفعلون ذلك. سألتها ان كان الطفلان يجلسان في المقعد الأمامي للسيارة فكان الجواب بالإيجاب.

الحوادث مثل المرض يمكن الوقاية منها

ان حوادث السيارات تماماً مثل المرض يمكن الوقاية منها في كثير من الأحوال ان راعينا إرشادات السلامة المرورية. هذا ما تشير اليه الأرقام والأبحاث. فقوانين المرور مثل باقي القوانين لها هدف واحد وهو حماية الناس افراداً ومجتمعات ولذلك تجد ان اقل الحوادث المرورية تحدث في البلاد التي يلتزم أكثر اهلها بالقانون، يفهموه ويحترموه ويربوا اجيالهم على احترامه. فمثلاً وضع الأطفال في المقاعد الآمنة المصممة للأطفال في السيارة safety seats اذا تم تركيب المقاعد واستعمالها بالطريقة الصحيحة تقلل من وفيات الأطفال تحت سن السنة في حوادث الطرق بحوالي ٧٠٪ وتخفض الوفيات بين الأطفال في عمر سنة الى اربعة سنوات ٥٥٪. كما ان ارتداء السائق نفسه لحزام الأمان يحمي اطفاله فقد وجد ان ذلك السلوك يؤدي الى ارتداء الأطفال بدورهم الحزام في ٩٤٪ من الوقت، مقابل ٤٠٪ من الوقت عندما لا يرتدي السائق الحزام.

لسلامة اطفالكم راعوا ما يلي

اربطوا حزام الأمان انفسكم.

احرصوا على عدم ركوب الأطفال حتى سن الثالثة عشرة في المقعد الأمامي للسيارة بتاتاً وتقييدهم في مقاعد خاصة بهم تحميهم، فهناك مقعد خاص لحماية الأطفال دون السنة ومقعد ذو تصميم مختلف للأطفال الأكبر ثم هناك ما يعرف بالمقعد الداعم booster seat للأطفال ما بين ٨ و١٢ سنة بعد ان يكبروا عن التصميمين السابقين ويجب عدم الإعتماد على حزام الأمان العادي للسيارة لأنه مصمم للبالغين وقد يعرض الأطفال لخطر اصابات الأمعاء والطحال والكبد والعمود الفقري في حوادث الطرق.
يجب ان يناسب حجم مقعد الأمان حجم الطفل وحجم السيارة ويجب تثبيته بالشكل الصحيح على المقعد الخلفي في كل مرة يستعمل فيها فأكثر المشاكل تنتج عن عدم ثبات مقعد الأمان بشكل جيد ثم هناك مشكلة عدم تقييد الطفل بشكل جيد داخل مقعد الأمان.
هناك مقاعد للأطفال الأصغر يجلس الطفل فيها ووجهه الى الخلف ثم ينتقل الأطفال مع نموهم عبر السنين الى المقاعد الخاصة المتجهة نحو الأمام ثم الى المقاعد الداعمة booster seats ثم الى استعمال حزام الأمان دون الحاجة الى الجلوس في مقعد خاص.
يجب شد حزام أمان السيارة حول مقعد الأمان جيداً بحيث لا يسمح بحركة المقعد لمسافة اكبر من ٢,٥ سنتيمتر للأمام او الخلف او الجوانب. تصفحوا كتيب موديل سيارتكم ليشرح لكم كيفية استخدام حزام الأمان مع مقعد الأمان المخصص للأطفال. اما في السيارات المزودة بنظام Lower Anchors and Tethers for Children أو LATCH فلا حاجة لاستعمال حزام الأمان الخاص بالسيارة لتثبيت مقعد أمان الأطفال.
يجب توجيه الأطفال لعدم اللعب داخل السيارات أو قريباً منها والإبتعاد عن أي سيارة عندما يركبها سائقها او يقوم بتشغيل المحرك.
يجب عدم ترك الاطفال في السيارة المغلقة بدون اشراف احد البالغين تحت اي ظرف ولو لدقيقة واحدة والسبب انهم معرضون لارتفاع حرارة اجسامهم داخل السيارة او صندوقها فنظام التحكم بالحرارة والتبريد عند الاطفال يعمل بطريقة مختلفة عن مثيله عند البالغين وقد ترتفع حرارة جسم الطفل دون سن الرابعة بسرعة ٣-٥ مرات اكثر من الشخص البالغ مما يؤدي الى اصابته بالضربة الحرارية او “ضربة شمس” heat stroke او قد يتسبب في الوفاة. وترتفع درجة الحرارة داخل السيارة الى ٤٣ مئوية او اكثر حتى في الطقس الخارجي المعتدل ١٥,٥ مئوية ويحدث هذا بسرعة ١١,١ درجة مئوية خلال اول عشرة دقائق.
بالإضافة الى مراعاة قواعد المرور هناك دور لا يستخف به للتهذيب والأدب أثناء القيادة على الطرقات. برأيي اخلاق الناس وتعاملهم بالكياسة والذوق مكملة لدور القانون والقواعد المرورية ولا تقل عنها اهمية. انقري على المستطيل الأزرق ادناه لقراءة مقالة قصيرة -جداً- عن قواعد التهذيب وآداب قيادة السيارات في ملف لباقة لبيبة.