هل اللحوم الحمراء فعلاً غير ضارة؟

قد تكوني قد قرأتي مثلي أكثر من مقال في الصحف اليومية خلال الأسبوع الماضي عن اللحوم الحمراء تناقض النصائح الطبية التي تداولناها منذ سنين طويلة فتشير الى ان لا علاقة بين تناول اللحوم الحمراء والسرطان وأمراض القلب والشرايين والسكري.

على الأغلب ان الكثيرين قد تنفسوا الصعداء وحضروا لحفلة الشواء القادمة دون تردد او شعور بتأنيب الضمير. ولكن هناك تكملة لهذه القصة فالأمور ليست بهذا الوضوح وقد قامت الدنيا ولم تقعد في عالم الاطباء والباحثين الذين قد قاموا بدراسات كثيرة سابقة تحذر من خطر تناول اللحوم الحمراء وتشجع على الاستعاضة عنها ولو جزئياً بالأغذية النباتية بأنواعها من حبوب كاملة غير مقشورة وبقول وخضار وفواكه.

فبادىء ذي بدء هذه الدراسات الجديدة ليست أبحاثاً جديدة وانما تحليلات لدراسات سابقة واستنتاجات جديدة ترى ان الدلائل السابقة عن علاقة بين اللحوم الحمراء والمعالجة والمصنعة مثل المرتديلا والسلامي وشبيهاتهما وبين الامراض المزمنة مثل السكري والسرطان وامراض القلب ضعيفة. وقد رأى اصحاب هذه التحليلات ان لا ضرورة لأن يغير الناس عاداتهم في تناول اللحوم الحمراء مخالفين بذلك نصائح من هيئات عالمية وازنة مثل منظمة الصحة العالمية وعدد كبير من الدراسات والكتب على مدى عشر سنين ماضية وكلها تشير الى فائدة تناول كميات أقل من اللحوم وأكثر من الأغذية النباتية على صحة الإنسان والكوكب الذي يعيش عليه. فالمعروف ان ٨٠ بالمائة من الامراض المزمنة يمكن تجنبها والوقاية منها بتغيير العادات الحياتية للبشر ومنها عاداتهم الغذائية.

وقد صدرت انتقادات للتحليلات الجديدة من جامعات عريقة مثل هارڤرد وبينت ان التحليلات استبعدت دراسات هامة تبين علاقة بين اللحوم والامراض المزمنة. كما ان طريقة التحليل لنتائج دراسات سابقة لم تكن الأفضل لمثل هذا الموضوع. هذا وقد تجاهلت التحليلات الجديدة تأثير تناول اللحوم على البيئة اذ ان تربية المواشي مسؤولة عن ١٤,٥ بالمائة من انبعاثات الغازات التي تؤدي الى الاحتباس الحراري العالمي. وقد نادت الكثير من الهيئات العالمية بتناول كميات اقل من اللحوم لإنقاذ الكوكب الذي يؤثر على صحة البشر عندما تتدهور البيئة ويختل جو الكرة الارضية.

وقد نشرت صحيفة نيويورك تايمز مؤخراً ان احد المؤلفين الرئيسيين للتحليلات المثيرة للجدل لم يفصح عن علاقته واستفادته من منحة وتمويل من احدى المجموعات التي لها علاقة باصحاب صناعة اللحوم. فمن المعروف ان المطلوب من العلماء والمؤلفين للمقالات والدراسات العلمية الإفصاح عن اي تعارض في المصالح متعلق بموضوع مقالاتهم.

وخلاصة الموضوع ان التأثير على فهم الناس حول العادات الغذائية الصحية والذي تم العمل عليه عبر سنين طويلة ماضية خطير ولا يخدم الصحة العامة. وما يزال من المهم الوقاية وتجنب الإصابة بالامراض المزمنة مثل السرطان والسكري وامراض القلب والاوعية الدموية. وأحد أفضل وأسهل الطرق تناول الأغذية الصحية وتجنب اللحوم الحمراء.


اكتشاف المزيد من مشوارك مع صحتِك

اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.

ما رأيِك؟ هل لديك تعليق؟

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.