هل هناك من لم تعش لحظة كان عليها فيها أن تقول: “إني آسفة”؟ أحياناً يبدو أن النطق بهاتين الكلمتين أصعب من تلاوة إحدى المعلقات أمام جمهور، ولكن بالرغم من هذا علينا أن نمهر في استعمال هاتين الكلمتين كما علينا أن نعلمهما لأبنائنا وبناتنا، الذكور قبل الإناث فهي أصعب عليهم، لأن في هاتين الكلمتين دواء للكثير الكثير، فهما الصمغ الذي يصلح ما تمزق من خيوط شبكة العلاقات الإنسانية. كلمتان تطفئان نار من أرتكب الخطأ بحقها وتبني اتصالا بين كائنين بحيث تشعر كل منهما بالآخرى. وقد تجد النفس البشرية صعوبة في تحمل ما يثيره الإعتذار من شعور بالندم والخزي والتواضع أمام الضحية، ولكن هذه المشاعر مشابهة لما أثاره ارتكاب الخطأ الذي استدعى الإعتذار من مشاعر صعبة على الإنسانة التي تأذت من الخطأ. وللإعتذار فوائد لمن تعتذر أيضا فهو يخفف الضغط النفسي ويرفع الشعور بتأنيب الضمير.

إن الإعتذار بلسم للجروح بغض النظر عمن ارتكب الخطأ ومن كانت الضحية. فمن الحكمة أن يقول الزوج “إني آسف” للزوجة التي تأذت، كما تقولها الأم للإبن الصغير، وتقولها الصبية للصديقة التي أخطأت بحقها، ويقولها المدير لأصغر موظفيه، ويعلنها الوزير لجموع المواطنين الذين عانوا من تقصير أو خطأ. لهذا كله فلنحمل غصن الزيتون ونعتذر الآن الآن وليس غداً.

شروط الإعتذار الجيد

ولكي ينجح الإعتذار هناك ثلاثة شروط يجب أن تتوفر في صيغة الإعتذار وهي:

الإعتراف بأن التصرف قد كان مخالفاً للصواب.

 التعبير عن التعاطف مع من وقع عليها الظلم.

 الإستعداد للقيام بالتعويض الذي قد يكون رمزياً أو حقيقياً.

وصفات للإعتذار الفعال

إعترفي بشجاعة: فلا يمكن اعتبار أي كلام اعتذار بدون أن تعترف المعتذرة أنها قد أخطأت إذ لا تؤثر صيغة الإعتذار إلا إذا أعطت الضحية واحد من عدة احتياجات نفسية تساعدها على تخطي الألم الذي لحق بها ومن هذه الإحتياجات:

استرجاع كرامتها وإعتراف الطرف الآخر بأن خطأ قد تم ارتكابه بحقها وأنها لم تكن المتسببة بالمشكلة.

الإطمئنان إلى أن الإهانة أو الأذى لن يتكرر.

 رؤية العدالة تأخذ مجراها في نوع من العقاب لمن أخطأت حتى ولو كان رمزياً أو معنوياً أو الحصول على تعويض من نوع ما على الألم والأذى الذين حلا بها.

 توفر فرصة للحديث بين الضحية والمخطئة كي تتمكن الضحية من التعبير عن شعورها نحو المخطئة أو حتى التعبير عن الأسى حول الخسارة التي ألمت بها بسبب ما وقع.

الآن: استجمعي شجاعتك بسرعة بعد ارتكاب الخطأ واعتذري مع أن هذا ليس بالأمر السهل دائماً. فإن المبادرة مهمة هنا حتى لا يتأزم الموقف بين الطرفين وكي لا تحوم فوق رأسك غمامة سوداء لعدة أيام قبل الإنفراج. لا تتركي مجالاً لللأفكار التي قد تحاول تبرير ما قمت به من خطأ. أعلمي من أوقعت بهم أذى أنك لم تقومي بذلك عن قصد وقوليها وجها لوجه ويمكن استعمال التلفون إذا كانت المسافة بينكما بعيدة ولكن تجنبي الإعتذار على صفحات الفيسبوك وبالإيميل أو الرسائل النصية SMS.

بصدق: إذا كنت فعلاً آسفة عليك قولها بوضوح وصدق لأن محاولة تمثيل الأسف تفشل في أغلب الحالات فأغلب الناس لا تمتلك موهبة التمثيل بإتقان خاصة عندما يتعلق الأمر بالتظاهر بمشاعر الندم.

فكري بالآخَر: إجعلي من أمامك محور إهتمامك، وحاولي أن تضعي نفسك في مكانهم كي يسهل عليك الإعتذار وتتمكني من الإعتذار بشكل ناجح يحقق الغرض منه في إعادة بناء العلاقة مع الطرف الآخر.

إعتذري بدون خلق الأعذار لنفسك: فهذا يضعف من مصداقية اعتذارك ولا تلقي باللوم على طرف ثالث أو تغيري الموضوع كلياً.

كوني محددة: اعتذري عن فعل معين ولا تخلطي الأمور ببعضها فليس المطلوب منك الإعتذار عن وجودك كله أو تقديم أطروحة عن علاقتك بالطرف الآخر بكل أحداثها وتفاصيلها السابقة.

إعتذري ثم انسي: فلا داعي لأن تجلدي الذات لسنين قادمة فمن منا  لم تخطىء. وعندما يحين دورك لتلقي آثار خطأ ارتكب بحقك وتأتي من أخطأت لتعتذر تقبلي الإعتذار وسامحي وانسي.