يبدو أن البلاستيك قد ظهر ليبقى معنا على طول، وخاصة عندما يتعلق الأمر بطعامنا وشرابنا. ويجاور البلاستيك طعامنا وشرابنا منذ اللحظات الأولى من انتاج المواد الغذائية ثم أثناء تحضيرها وحفظها.
ولكن هل نحن بأمان في عالم البلاستيك هذا؟ إن الجواب على هذا السؤال ما زال صعباً، مع أننا نعلم منذ مدة طويلة بأن كميات صغيرة جداً من البلاستيك تنتقل إلى طعامنا وشرابنا عندما تلامسه، وتجد طريقها في آخر المطاف إلى داخل أجسامنا.
العوامل التي تزيد خطر البلاستيك
من الأمور التي تزيد عملية إنتقال مكونات البلاستيك إلى أجسامنا تسخين الطعام في الأوعية البلاستيكية، كما تنتقل كميات أكبر من البلاستيك إلى الطعام مع زيادة ملوحة وحموضة المأكولات ومع زيادة نسبة الدهون فيها.
بصراحة، نحن لا نعلم مقدار الكميات التي تنتقل في النهاية إلى أجسامنا لأن ليس هناك من دراسات كافية. هل نعلم إن كانت هذه الكميات لا تشكل خطراً على صحتنا؟ يقال إنها كذلك، ولكن ليس لأن الدليل على سلامتها موجود بل لأن أحداً لم يثبت أنها ضارة، فالدراسات حول الموضوع شحيحة ولكن هناك تحقيقات جارية حالياً حول مادتين، وهما بيسفينول أ (bisphenol A) وفثاليت (phthalates).
مشاكل صحية مرتبطة بالبلاستيك
ظل بسفينول أ حتى الماضي القريب ومنذ الستينات المادة المفضلة لصناعة أي عبوة للمواد الغذائية والمشروبات، من زجاجات حليب الأطفال الرضع إلى المادة التي تستعمل في تبطين علب المعلبات لمنع الصدأ، مروراً بقناني المياه وغيرها. ولكن بعد أن بدأت الأبحاث تتحدث عن علاقة بين مادة بيسفينول (أ) وعدة مشاكل صحية، من بينها أمراض في الجهاز العصبي عند الأطفال الصغار، صار البيسفينول أ يعتبر خطراً علينا. لم نفهم بعد كيف يؤذينا بالضبط، وهناك بعض التضارب في الإستنتاجات كما أننا لا نعرف التركيز المطلوب لهذه المادة في جسم الإنسان قبل ظهور الأخطار ولكن من الواضح أن أعداد الناس الذين يحاولوا تجنب استعمال البلاستيك تتزايد يوماً بعد يوم.
كما ذكرت لقد أظهرت الأبحاث أن بيسفينول أ مرتبط بمشاكل في التطور العصبي عند الرضع والأطفال الصغار. وهناك احتمال أنه يؤثر أيضاً على الدماغ والجهاز التناسلي عند الكبار أيضاً. وقد وجدت عدة دراسات أن بيسفينول أ والفثاليت ايضاً يشبهان في بعض أوجه نشاطهما في جسم الإنسان هورمون إستروجن مما قد يؤدي إلى خلل في هورمونات الجسم له علاقة حسب آخر الأبحاث بخلل في التطور العصبي مما يؤثر على القدرة الذهنية والتركيز وظهور التهور في السلوك. اضيفي الى ذاك تأثر هورمون الاستروجن عند الإناث والتيستوستيرون عند الذكور وهورمونات الغدة الدرقية ايضاً. وتزيد من خطر الاصابة بامراض الجهاز التناسلي والسرطان والسكري والقلب والسمنة ضمن مجموعة اكبر من الامراض الخطيرة.
أكثر الناس تأثراً هم سكان المناطق القريبة من مصانع البلاستيك ومكبات النفايات. ولكن قد يتعرض اي منا لهذه المواد السامة عندما نستعمل اي منتج بلاستيكي. وهناك مشكلة التخلص من النفايات البلاستيكية التي تكبر وتتزايد وفي كثير من الاحيان ترمى في حضن البلدان الفقيرة ومتوسطة الدخل.
احتياطات لتجنب أخطار البلاستيك
لكل ما أسلفت منعت أغلب البلدان الأوروبية وكندا استعمال مادة بيسفينول. ولكننا ما زلنا نرى هذه المادة في البلاستيك المبطن للمعلبات في أسواقنا، نحن بلدان العالم الثالث. اليوم فتحت علبة فاصوليا بصلصة البندورة فوجدت أن العلبة مبطنة بطبقة بلاستيكية بيضاء! نحن في انتظار نوع من أنواع التدقيق الرسمي في استعمالاتها في بلداننا ولكن في هذه الأثناء يمكن أن نقوم ببعض الخطوات للتقليل من تعرضنا لبيسفينول:
تناولي الخضروات والفواكه طازجة وتجنبي المعلبات- وسأبدأ بنفسي في تطبيق هذه النصيحة.
تجنبي استعمال أي أوعية من البلاستيك الذي يحمل الرقم 7 والرقم 3 لأن هذه الأنواع من البلاستيك بالذات غالباً ما تحتوي على بيسفينول. أنظري إلى قاع العبوة من الخارج فمن المفروض أن يكون رقم البلاستيك واضحاً هناك.
لا تسخني الطعام في المايكروويف في صحون وأوعية بلاستيكية للتقليل من انتقال البيسفينول إلى الطعام مع الحرارة.
لا تعبئي، ولا تشربي السوائل الساخنة مثل القهوة والشاي في فناجين وأكواب من البلاستيك التي تحتوي على بِسفينول أ.
استعملي عبوات (مطرات) للماء من الفولاذ غير القابل للصدأ stainless steel، وتجنبي عبوات الألومنيوم التي تحتاج إلى بطانة يدخل بِسفينول أ في صناعتها.
مواد أخرى لها ضرر مشابه للبلاستيك
قبل عدة اسابيع نشرت جهة علمية تحذيراً حول الاضرار الصحية للإنسان بسبب مواد منتشرة في بيئتنا مسببة لمجموعة من الامراض التي لها علاقة بتاثير هذه المواد على وظائف الغدد الصماء والهورمونات. من هذه المواد ما يسمى PFAS .وهي مواد تدخل في تركيب اغلفة الطعام مثل الورق الذي تلف به ساندوتشات البرغر في مطاعم الوجبات السريعة وعلب الطعام الكرتونية التي تعبأ فيها وجبات السفري في المطاعم والتي تمنع الدهون من التسرب عبرها مثل علب البطاطا وغيرها. هناك ايضاً اكياس البُشار پوپكورن التي تحضر في فرن المايكرويڤ في المنزل.
لقد اعلنت مؤسسة الغذاء والدواء الامريكية في ٢٠٢٤/٢/٢٩ ازالة هذه المركبات التي تؤثر على الغدد الصماء PFAS من جميع اغلفة المواد الغذائيّة ولكن هناك مركبات اخرى غير PFAS في بيئتنا في الاثاث والالعاب والالكترونيات ومواد البناء والمبيدات الحشرية وحتى مواد التجميل.