ماذا فعلت أنجيلينا جولي؟ ولماذا؟
طالعتنا أغلب الصحف والمجلات ومواقع الإنترنت قبل أيام بأن نجمة السينما الأمريكية الإنسانة وسفيرة الأمم المتحدة أنجيلينا جولي البالغة من العمر 37 عاماً قد خضعت لعملية استئصال الثديين في شباط من هذا العام وأنها ستخضع في المستقبل لعملية استئصال المبيضين في خطوات جريئة استباقية للتخلص من زيادة احتمال ظهور مرض السرطان في الثدي والمبايض عندها. وقد توفيت والدة أنجيلينا في السادسة والخمسين بعد أن أصيبت بسرطان المبيض في الأربعينات. ولدى أنجيلينا ستة أطفال منهم أبناء وبنات بالتبني، وقد قامت بإجراء فحص للدم وتبين أنها تحمل خلل أو “طفرة” في أحد الجينات (BRCA1) مما يرفع احتمال إصابتها بسرطان الثدي والمبيض في المستقبل بنسبة كبيرة. شرحت أنجيلينا لأولادها عن المرض الذي قتل جدتهم وتلقت أسئلتهم عما إذا كانت هي ستموت أيضاً، فكان شعورها بالمسؤولية نحو أطفالها لتبقى لهم وترعاهم من الأسباب التي دفعتها للتصرف بإيجابية وشجاعة وعدم الإنتظار لما قد تجلبه الأيام.
ما هي طفرة أنجيلينا؟
هناك جينات تحمي من السرطان واثنان منهما يسميان BRCA1 و BRCA2 ولدى أنجيلينا خلل في أحدهما ويرتبط هذا الخلل في الجينات بزيادة ظهور سرطان المبايض والثدي. ومن طفرات الجينات الأخرى التي ترتبط بظهور سرطان الثدي TP53 و PTEN.
وتصاب 14 إمرأة بين كل 1000 إمرأة بسرطان المبيض في إحدى مراحل عمرها lifetime risk ولكن تصاب 155 إمرأة بهذا السرطان بين كل 1000 إمرأة إذا حملت طفرة (خلل) في BRCA1 و BRCA2.
ومن المقدر أن واحدة بين كل 500 إمرأة تحمل طفرة في أحد الجينات التي تزيد من فرص الإصابة بسرطان الثدي ولكن ليس من المحتم أن تصاب كل إمرأة تحمل طفرة بسرطان الثدي أو المبيض، كما أن 5% فقط من النساء المصابات بسرطان الثدي تحمل طفرة أو خلل في BRCA1 أو BRCA2.
ما احتمال الإصابة بسرطان الثدي أو المبيض في حال كنت تحملين طفرة في BRCA1 أو BRCA2؟
إن احتمال الإصابة في مثل هذه الحالة مرتفع جداً ويصل إلى ما بين 50 إلى 85 بالمائة بالنسبة لسرطان الثدي بالمقارنة مع 10 بالمائة لعموم النساء، مما يعني أن بين كل مائة إمرأة تحمل أحدى الطفرات تصاب 50 إلى 85 إمرأة منهم بسرطان الثدي في إحدى مراحل عمرها، وما بين 20 إلى 50 بالمائة تصاب بسرطان المبيض. ومن هنا تأتي أهمية النظر في إجراء هذا الفحص للجينات إذا كان لديك أفراد من عائلتك قد أصبن بأحد هذين السرطانين خاصة في عمر مبكر.
مَن الفئة التي نشجعها على إجراء فحص الجينات؟
إذا كنت أنتِ أو إثنتين من قريباتك قد اصبتم بسرطان الثدي قبل الخمسين من العمر أو بسرطان المبيض في أي سن كان، أو إذا كانت إحدى القريبات تحمل إحدى طفرتي BRCA.
ما العمل إذا تبين أنك تحملين إحدى الطفرات؟
إن لديك أكثر من خيار، فمن الممكن أن تكتفي بإجراء الفحص السنوي للثدي بواسطة الماموجرام أو الرنين المغناطيسي أو كليهما أحياناً مع تحسين نظام حياتك الصحي في مجالي التغذية والنشاط الرياضي فمن خلالهما يمكن تخفيض احتمال ظهور سرطان الثدي. أما الخيار الأضمن فهو الخضوع لعملية استئصال الثديين جراحياً مع أنها ليست كفيلة بمنع ظهور سرطان الثدي مئة بالمئة.
ما هي الجراحة التعويضية للثدي؟
بعد إزالة أكبر كمية ممكنة من الثدي الطبيعي يمكن تركيب ثدي بديل breast implant يحتوي على الماء والملح أو السيليكون أو يمكن بناء ثدي من أنسجتك الأخرى مثل جلد وعضلات الظهر والبطن والمقعدة. وتجرى العملية التعويضية في نفس جلسة استئصال الثدي أو بعد فترة بسيطة مثل ما اختارت أنجلينا جولي (9 أسابيع) وقد علقت أن هذه الجراحة التعويضية قادرة على الوصول إلى نتائج جميلة.
تعليق
إن في مبادرة أنجيلينا جولي للأخذ بزمام الأمور ومواجهة مسؤولياتها نحو أطفالها ونفسها والتصرف بشجاعة وإيجابية مَثلٌ ينبغي أن يحتذى. وأنا هنا لا أقول أن استئصال الثدي بالضرورة هو الخيار الوحيد ولكن أقول أن على كل إمرأة واجب الأخذ بما هو متوفر من وسائل الكشف المبكر والوقاية من سرطان الثدي وكثير من الأمراض الأخرى فقد ولى زمن الخوف وجاء الوقت لكل إمرأة عربية بأن تهتم بنفسها وبصحتها وكيانها وحقوقها حتى ولو لم يهتم بهم أحد غيرها فهو واجبها نحو نفسها ونحو أطفالها وكل من يحبها ويعتمد عليها.