آخر أيام الصيفية كما غنت فيروز..
أيام نراها وترانا في مهب رياح كورونا. ولكن هناك رياح أخرى ستطرق الأبواب وتهز الشبابيك قريباً مع رياح الخريف والشتاء. إنها الإنفلونزا الموسمية. ففي كل عام تبدأ فيروسات الإنفلونزا الموسمية بالنشاط وإصابة البشر وتتسارع الإصابات على مدى أشهر الخريف لتصل القمة في كانون الثاني وشباط من كل عام ثم تبدأ بالإنحسار تدريجياً ولكن قد لا ينقضي موسم الإنفلونزا حتى نهاية الربيع.
في هذا العام سنتصارع مع مرضين معديين وليس مرضاً واحداً وقد تكون الإصابة بواحد مساعداً على الإصابة بالآخر. فالإنفلونزا الموسمية تكسر احد حواجز نظام المناعة في الجسم وهو الغشاء المخاطي للجهاز التنفسي من الحلق الى داخل الرئة. فمن المعروف مثلاً انه بعد الاصابة بالانفلونزا الموسمية تزيد فرصة الاصابة بالتهاب اخر في نفس الوقت وهو المعروف بالتهاب البكتيريا الكروية العنقودية Staphylococcus. وهذا الضعف في فعالية الحماية بالغشاء المخاطي نتيجة الاصابة بالانفلونزا العادية قد يزيد من فرصة الاصابة بكورونا في هذا الموسم.
بعد الإصابة بالعدوى قد تسوء حالة المريض بالانفلونزا الموسمية اذا صاحبتها اصابة بكورونا وطبعاً العكس صحيح فالجسم المنهك بالأولى قد لا يقاوم الثانية بنفس القدرة المعتادة. وعندما ترتفع اعداد من هم بحاجة لدخول المستشفى بسبب مضاعفات الانفلونزا الموسمية وكورونا سيتضاعف الضغط على النظام الصحي من كوادر وغرف عناية مركزة ومختبرات وأدوية وقد يؤدي لا سمح الله الى انهيار النظام الصحي.
التطعيم ضد الإنفلونزا الموسمية
كما تعلمون فنحن ما زلنا ننتظر مطعوم يحمينا من كوڤيد-١٩ اي كورونا ومن غير المتوقع ان يصلنا حتى بداية العام القادم ٢٠٢١ او ربما بعد ذلك. ولكن بين ايدينا كما في كل عام مطعوم للوقاية من الانفلونزا الموسمية اي العادية. وننصح كما في كل عام الجميع فوق سن ٦ شهور بالتطعيم لأنه افضل وسيلة للحماية من الاصابة بالانفلونزا ومن المضاعفات الناتجة عنها والتي قد تنتهي بدخول المستشفى واحياناً دخول وحدة العناية المركزة.
تشير الاحصاءات الى ان التطعيم ضد الانفلونزا قد قلل من حدوث مشاكل في القلب عند المرضى المصابين بامراض قلبية مزمنة كما انه قلل من حاجة مرضى الانسداد الرئوي المزمن ومرضى السكري الى دخول المستشفى.
ويحمي التطعيم الحوامل من الانفلونزا ويقلل من الاعداد التي تحتاج دخول المستشفى للعلاج كما انه يحمي مواليدهن لعدة شهور من العدوى بالانفلونزا في الفترة التي يكونوا فيها اصغر من سن التطعيم. ويمكن تطعيم الحوامل بأمان اثناء الحمل وفي جميع مراحله من البداية حتى النهاية.
هل يعتبر مطعوم الانفلونزا فعّال؟
تتفق اغلب الدراسات الحديثة على ان التطعيم يحمي من امكانية الاصابة بالانفلونزا في الموسم الذي تم فيه بنسبة ٤٠ الى ٦٠ بالمائة. وقد وجد ان التطعيم قد يحمي في بعض الاحيان من الاصابة بالعدوى في السنة التي تليها ولكن ذلك لا يغير من النصيحة بالتطعيم مجدداً في كل عام. اما في الحالات التي يصاب فيها الناس بالانفلونزا بالرغم من تطعيمهم فهناك دراسات قد اظهرت ان حدة الانفلونزا كانت اقل عندهم وهذا ايضاً يعتبر كسباً مفيداً للتطعيم.
هل أطمئن الى ان مطعوم الانفلونزا آمن؟
ان المطعوم آمن جداً وقد اثبتت ذلك الكثير من البحوث التي راقبت ملايين البشر الذين تم تطعيمهم عبر اكثر من خمسين عاماً. لكن كما لكل دواء قد تظهر احياناً اعراض جانبية عند البعض وهم الاقلية. ومن الأعراض الجانبية التي تعتبر بسيطة في غالبيتها وتختفي بعد عدة ايام:
- الم او احمرار وتورم حول منطقة التطعيم.
- اوجاع عضلية.
- صداع.
- ارتفاع درجة الحرارة.
- غثيان.
- في حالات منفردة قد يسبب التطعيم الاغماء وهو اكثر عند المراهقين ويعتقد ان السبب هو اجراء التطعيم وليس المطعوم نفسه وقد يحدث الاغماء عند المراهقين ايضاً بعد مطاعيم اخرى غير الانفلونزا مثل HPV و Tdap.
- الحساسية.
ما هو أنسب وقت للتطعيم ضد الإنفلونزا؟
يفضل اخذ المطعوم في شهر ٩ من كل عام او شهر ١٠ على الابعد. ويحتاج جسم الانسان الى ما يقارب الاسبوعين بعد التطعيم حتى يكوّن كميات كافية من الاجسام المضادة لمقاومة العدوى. ويستمر مفعول المطعوم ستة اشهر على الارجح وقد تكون المدة اطول.
يحتاج من هم اكبر من ٦٥ عام جرعة اعلى من المطعوم ولذلك هم بالذات بحاجة الى التطعيم مبكراً في فصل الخريف حيث ان مستويات تصنيع الاجسام المضادة لديهم بعد التطعيم اضعف وبالتالي فقد تبقى احياناً مناعتهم في وجه الانفلونزا منخفضة لعدة اشهر بعد التطعيم.
اما الاطفال دون التاسعة فهم بحاجة الى جرعتين منفصلتين من المطعوم في اول مرة يتم تطعيمهم ولذلك ننصح بتطعيمهم مبكراً في الموسم حتى يتسنى الحصول على الجرعة الثانية قبل حلول شهر تشرين الثاني.
في النهاية
نرجو الجميع الحصول على مطعوم الانفلونزا هذا العام بالأخص لأنكم بهذا الفعل تحمون انفسكم واعز الناس اليكم بالاضافة الى جيرانكم واهل بلدكم. بمجرد التطعيم انتم تساهمون بشكل كبير في التخفيف من القلق حول كفاية وقدرة نظامنا الصحي على التعامل مع كورونا وانقاذ الكثيرين حتى ولو زادت الحالات في الايام والشهور القادمة.
ولا تنسوا او تستخفوا باهمية التباعد المجتمعي بالحفاظ على مسافة مترين بين كل شخص والآخر وعدم الاختلاط وارتداء الكمامات وغسل الأيدي كثيراً وعدم ملامسة الوجه بايديكم.