قامت وكالة سلامة الغذاء والدواء في الولايات المتحدة قبل ايام معدودة بمنع تسويق وبيع مجموعة كبيرة من انواع الصابون المضاد للبكتيريا. ما خلفية هذا المنع؟
هل تعلمي ان هناك مواد كيماوية موجودة في الصابون المضاد للبكتيريا يمتصها جلدك فتدخل جسمك وقد وجدت في البول لدى ثلاثة ارباع الناس والدم وحليب الثدي واجسام الأجنة بالإضافة الى المياه. وبعض هذه الكيماويات ينتمي الى عائلة مبيد الحشرات ددت DDT الذي تم منعه عالمياً وبعضها يبقى مدة طويلة قبل التحلل قد تمتد الى خمسين عاماً.
انا شخصياً تقلقني كل هذه الاعلانات المتكررة على التلفزيون في مديح وتسويق الصابون المضاد للبكتيريا. يحيرني كيف يتم تسويقها على انها هي التي ستحمي اطفالنا والحقيقة هي عكس ذلك. فقد وجدت الابحاث ان الكيماويات الموجودة في الصابون المضاد للبكتيريا تساعد على اكتساب البكتيريا مقاومة ضد الادوية التي نصفها للمرضى لعلاج الالتهابات كما قد تؤثر على هورمونات اطفالنا احياناً. ومن جهة اخرى فان غسل اليدين باي صابون عادي بشكل جيد وشطفها كافي للتخلص من الفايروسات والبكتيريا والوقاية من الامراض دون المخاطرة في تغيير صفات البكتيريا والتسبب في ظهور انواع لديها مقاومة ضد المضادات الحيوية.
ولكن من المشجع ان بدأت مؤخراً دول متقدمة وشركات كبرى بمنع ادخال ١٩ مادة كيماوية في صناعة الصابون وقبل يومين قامت الهيئة المشرفة على صحة المستهلكين بمنع تسويق ماركات الصابون التي تحتويها وتشكل ٤٠٪ من انواع الصابون السائل والقطع المعروضة في الاسواق. واكثر هذه المواد شيوعاً هو ترايكلوسان وترايكلوكاربان. وعلى الأغلب ان المزيد من المواد سينضم الى هذه اللائحة بعد اكتمال التحقيق الذي امتد الى السوائل التي تستعمل في تعقيم الايدي والمحارم المبللة مثل الكحول العادي وانواع اخرى.
والخلاصة ان علينا عدم الانصياغ لهذه الموجة من الاعلانات وتجنب استعمال الصابون المضاد للبكتيريا والاستعاضة عنه بتعليم ابنائنا وبناتنا طريقة غسل الايدي بالطريقة الصحيحة ولمدة كافية وهي عشرين ثانية.
يبدو لي أن هناك إعلان عن صابون مضاد للبكتيريا في كل مجلة أتصفحها وكل قنال أقلب تلفزيوني عليه. وقد تلقى فكرة استعمال مثل هذه الأنواع من الصابون القبول عند كثير من الأمهات اللواتي تجتهدن في حماية أسرهن من الجراثيم والأمراض، ولكن هل الصابون المضاد للبكتيريا شيء جيد؟ هل هو آمن وهل من المنطق استعماله في بيوتنا؟ ماذا يقول العلم؟
صحيح أن الصابون المضاد للبكتيريا يقتل غريمه ولكن—مفاجأة!— يقوم الصابون العادي والماء بمهمة حمايتنا من العدوى بنفس الكفاءة وهذا ما توصلت إليه لجنة توصيات المؤسسة الأمريكية للغذاء والدواء (FDA) منذ عام 2005. فلا داعي للفتك بالبكتيريا عندما نغسل أيدينا في بيوتنا ويكفي شطفها من على أيدينا وأجسامنا لتنزل إلى مصرف المغسلة أو البانيو فتذهب بعيداً في أنابيب الصرف الصحي. هذا كل ما نحتاج إليه للوقاية من العدوى.
ومن جهة ثانية فقد تسبب هذه الأنواع من الصابون الأذى، إذ أنها تحتوي على مواد كيماوية تدور حولها بعض الشبهات مثل مادة تريكلوسان triclosan، التي دخلت في تركيب بعض أنواع معجون الأسنان أيضاً، ويتم التحقيق فيها حالياً من ناحية إمكانية تسببها في ظهور أمراض السرطان. فتريكلوسان مادة كيماوية تتفاعل مع الكلورين الموجود في الماء لتعقيمه وينتج عن هذا التفاعل مركب اسمه كلوروفورم وهو مادة مسرطنة. فالأسر التي تستعمل صابون مضاد للبكتيريا قد تعرض نفسها إلى مادة كلوروفورم بشكل أكبر من السقف الآمن المسموح به بنسبة 15 إلى 40 بالمائة، والسقف المسموح به هو 80 مايكروغرام بالليتر. ومع تكرار غسل الأيدي والإستحمام عبر السنين قد تزيد احتمالية ظهور مرض السرطان. ومن ناحية أخرى قد تكون هناك علاقة بين تريكلوسان ومرض الحساسية وظهور بكتيريا مقاومة للعلاج بالمضادات الحيوية.
ولكل أم أقول أنك تتفوقي في مهمتك كأم عندما تربي جيلاً على عادة غسل الأيدي بكثرة والإستحمام بالماء والصابون العادي يومياً صيفاً شتاءاً أكثر من تبني عادة استعمال الصابون المضاد للبكتيريا الذي لا يعطي بالضرورة حماية أكبر وقد يشكل تهديداً للصحة ولميزانية العائلة فهذه الأنواع من الصابون أغلى سعراً من الصابون العادي.