زيارة الطبيبة بعد الولادة. ما فائدتها؟ هل هي ضرورية؟ متى؟
إن الأسابيع اللاحقة للولادة مهمة جداً بالنسبة للمرأة ولمولودتها أو وليدها. إنها مقدمة لحالتها الصحية التي ستلازمها لاحقاً، هي ومولودتها الصغيرة. ولكن وعلى الرغم من أهميتها لا تتعدى نسبة النساء اللواتي يذهبن لزيارة الطبيبة أو المستشفى للحصول على الفحص الطبي المقرر بعد الولادة ٤٠٪، حتى في بلد متقدم مثل أمريكا.
جرت العادة ان يكون موعد هذه الزيارة الطبية بعد ستة اسابيع من الولادة. ولكن قد يكون هذا الرقم له علاقة بالعادات الاجتماعية السائدة في كثير من المجتمعات والتي تقتضي العناية الخاصة بالمرأة لمدة أربعين يوماً بعد الولادة. ولذلك لا يوجد سبب من الناحية الطبية للإلتزام بهذا الموعد بل من الأفضل تحديده حسب حاجات كل امرإة بشكل فردي وبحيث لا يتعدى ١٢ اسبوعاً بعد الولادة. كما قد تحتاج المرأة أكثر من زيارة لطبيبتها بعد الولادة وقد تبدأ مبكراً في الأسبوع الأول.
في هذه الفترة تحدث تغييرات هامة في فسيولوجية المرأة وحياتها وتمتد لتشمل صحتها الجسدية والنفسية وظروفها الإجتماعية. هذه الفترة تحمل معها ذلك التغيير الكبير في دور المرأة وحياتها من زوجة إلى زوجة وأم. وتكون هي في الحقيقة أم تحت التدريب، تتعلم كيف ترعى مولودها وترضعه.
على المستوى الجسدي يحصل تغيير كبير في هورمونات المرأة يؤثر على الكثير من وظائف جسمها. وطبعاً هناك ورشة تصليح كبيرة جارية في نفس الوقت يعمل فيها جسم المرأة على إصلاح نفسه ليعيد كل تلك الأنسجة التي تأثرت بالحمل وبالولادة (سواء كانت ولادة طبيعية أو بعملية جراحية) الى طبيعتها.
أثر الولادة على صحة المرأة وحياتها
لكل هذه التغيرات الحاصلة في جسم المرأة وحياتها بعد الولادة آثار واضحة قد تشمل:
- الشعور بالتعب والإرهاق.
- الإحساس بالألم.
- قلة النوم.
- صعوبات في الرضاعة.
- الضغط النفسي.
- تفاقم أعراض أمراض نفسية قديمة أو ظهورها للمرة الأولى بالإضافة الى مشاكل العلاقات الإجتماعية والعنف المنزلي.
- عدم التحكم بالبول او ما يعرف بالسلس البولي.
- انعدام الرغبة الجنسية.
ما الفائدة من زيارة طبيبتك بعد الولادة؟
تحسنين الفعل إن نظرت الى هذه الزيارة على إنها فرصة لك ولطبيبتك للوصول بك الى حالة صحية سليمة من جميع النواحي. كما أنها فرصة لمولودك أيضاً فيها الفائدة التي سيجنيها من ارشادات طبيبتك في موضوع رضاعته ورعايته.
- في اول زيارة لك بعد الولادة ستقوم طبيبتك طبعاً بتقييم حالتك الصحية وكيف تمشي عملية شفائك من آثار الحمل والولادة. ستحدد إن كان شفاؤك يسير بسرعة طبيعية أو متأخرة وسبب ذلك كما ستساعدك ان كنت تشعرين بأي ألم في جرح العجان (يعني المقعدة) او جرح العملية القيصرية. ستسألك بعض الأسئلة بخصوص التحكم بالبول والبراز وتقرر ان كنت بحاجة الى العلاج الطبيعي او التحويل الى اخصائي المسالك البولية النسائية. بالإضافة الى ما ذكرت سترشدك طبيبتك في هذه الزيارة حول العودة لممارسة النشاط الرياضي والوصول الى الوزن الأمثل.
- ان هذه الزيارة فرصة مهمة لك لتتحدثي عن حالتك النفسية وبالأخص ان كانت لديك اعراض ناتجة عن القلق او الإكتئاب الذي يصيب بعض النساء بعد الولادة. أما ان كانت هناك حالة مرضية قائمة قبل الحمل ففي هذه الزيارة قد يتم تغيير جرعات الإدوية التي تتناوليها بما يناسب فترة ما بعد الولادة.
- ستقوم طبيبتك بسؤالك عن اية مشاكل أو صعوبات أثناء الرضاعة الطبيعية وعن مدى ثقتك بأنك تقومين بالرضاعة بالطريقة الأسلم. كما انها فرصة لتفهمي كيف تتأثر الخصوبة في هذه الفترة فهي تنخفض بشكل كبير يحميك من الحمل المبكر ولكن فقط ان كانت دورتك الشهرية لم تعد بعد وكان طفلك أصغر من ستة أشهر ويرضع رضاعة طبيعية منك كاملة أو شبه كاملة بحيث لا تزيد الفترة بين كل رضاعة والتي تليها عن ٤ الى ٦ ساعات. ولا تكتمل فائدة هذه الزيارة بدون الحديث عن وسائل منع الحمل الآمنة أثناء فترة الرضاعة سواء كانت هورمونية او غيرها.
- وللعلاقة الزوجية الحميمة نصيب من وقت هذه الزيارة للطبيبة ينفع فيها الحديث عن طرق التخلص من بعض الأعراض التي قد تكدر المجامعة مثل الألم، وعن الوقت الأسلم لعودة الممارسة الجنسية بعد الولادة. ولا ننسى الحديث عن خططك بخصوص عدد الأحمال المستقبلية ومواعيدها الأسلم لك ولطفلك. فتأخير الحمل التالي لمدة سنة ونصف له فوائد ولكنه قد يناسب ظروفك أو لا يناسبها. وأيضاً يتم اطلاعك على اية اجراءات يمكنها مساعدتك على تجنب تكرار اية مشاكل طبية قد تكوني قد عانيتي منها في حملك مثل الولادة المبكرة، اذ يمكن لاحد مركبات هورمون الپروجسترون (١٧ ألفا هايدروكسي پروجسترون كپروويت) ان يضعف احتمالية تكرار الولادة المبكرة. أما ان كانت المشكلة تسمم الحمل pre eclampsia فيمكن ان يقلل تناول الأسپرين في الحمل التالي من فرص الإصابة به مرة ثانية.
- لدى طبيبتك في هذه الزيارة عدة نصائح تساعدك في التعامل مع الشعور بالإرهاق او صعوبة النوم وستطلعك عليها وعلى طرق تطبيقها فمثلاً قد تشجعك على الإستفادة من عائلتك وأصدقائك وطلب المساعدة منهم في بعض المهام المتعلقة بالعناية بالمولودة الجديدة.
- ان كنت مصابة بأحد الأمراض المزمنة أو مشاكل قد تكون قد ظهرت للمرة الأولى أثناء الحمل استغلي هذه الزيارة لفهمها أكثر ولمعرفة أثرها على الأحمال القادمة وعلى صحتك على المدى الطويل. فمثلاً ان كان قد ظهر عندك السكري أثناء الحمل ستستغل طبيبتك فرصة زيارك لها لإجراء فحص للسكر لمعرفة ان كان ما زال قائماً أو اختفى ولتغيير الأدوية أو جرعاتها لتناسب جسمك الآن بعد ان انقضى الحمل، وستأخذ بعين الإعتبار درجة أمان هذه الأدوية بالنسبة للمولود ان كنت قد اخترتي الرضاعة الطبيعية. وستحولك طبيبتك للطبيب الأخصائي المناسب لمتابعة أية مشاكل طبية أخرى.
- وأخيراً وليس آخراً تشكل زيارة ما بعد الولادة فرصة مفيدة لإجراء الفحوصات الطبية المطلوبة للعناية بصحة المرأة السليمة well-woman health care والإطلاع على برنامج الرعاية السنوي للمرأة. ومن هذه الفحوصات مسحة عنق الرحم للوقاية من السرطان بالإضافة الى الفحص النسائي الداخلي الذي ينصح به سنوياً. ولا ننسى الحديث عن المطاعيم التي قد تكوني بحاجة اليها او الى استكمالها.